المؤتمر السادس عشر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي

 انعقد المؤتمر السادس عشر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في العاصمة الكولومبية بوغوتا في الفترة من 14 إلى 18 أيلول 2016 تحت شعار (نساء متّحدات من أجل السلام).. وقد حضرت المؤتمر مندوبات من مختلف أنحاء العالم من أمريكا ومنطقة البحر الكاريبي وآسيا وأوربا وإفريقيا والدول العربية يمثلن 55 منظمة نسائية أعضاء في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، وبلغ عدد المندوبات 255 مندوبة.

قبل مؤتمر كولومبيا عقد المركز الإقليمي العربي التابع للاتحاد اجتماعاً حضرته ممثلات عن المنظمات النسائية العربية الأعضاء في الاتحاد، جرى فيه بحث واقع المرأة العربية، نضالاتها ومعاناتها، سبل المواجهة، وخاصة التمييز الواقع على المرأة العربية بسبب القوانين والتشريعات المختلفة الخاصة بها والتي تتعارض والاتفاقيات الدولية والتحفظ على أهم بنودها منها:

قانون الأحوال الشخصية، واتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وعدم إعطاء المرأة العربية المتزوجة من غير سوري الجنسية لأولادها أسوة بالرجل، وفرض قيود على تحركها وعملها. كما تناولت التقارير تشريعات بعض البلدان العربية التي مازالت تخضع فيها المرأة لـ(نظام الولاية) ولاية الرجل على المرأة مثل السعودية وغيرها من دول الخليج العربي وما تحتاجه من تطوير للقوانين والتشريعات بما يتناسب وتطور العصر وتغيير للمفاهيم والمعتقدات البائدة التي تنتقص من حقوق المرأة في مجال العلم والعمل والإرث والزواج والطلاق، ومن أجل تمكينها من تبوؤ مراكز صنع القرار، وإشراكها في عملية بناء السلام وحفظه.

وتوقف الاجتماع عند واقع  المرأة السورية خاصة ومعاناتها من أخطر كارثة تعيشها سورية في السنوات الأخيرة، بسبب الحرب، هذه الطروحات ومناقشتها ساعدت على تحديد احتياجات النساء العربيات وإعطائهن أفقاً فعالاً وموسعاً جرى طرح معظمها في المؤتمر العالمي وفي ورشات العمل التي شكلها المؤتمر.

ناقش المؤتمر قضايا كثيرة من أهمها:

1- الحروب الإمبريالية على الدول- التعديات والتحديات في مواجهة السلام، وبشكل خاص الحروب على المنطقة العربية.

2- الأزمات الرأسمالية وتأثيرها على النساء.

3- تأثيرات التغيرات المناخية والأمن الغذائي.

4- حقوق العمال والمساواة.

5- الإثنية وتعدد الثقافات.

6- وضع النساء في إفريقيا.

7- دور الشباب وخاصة الشابات.

وقد أعدت ورشات عمل لمناقشة هذه القضايا، وقدمت اقتراحات ملموسة من أجل معالجتها وعدم تفاقمها. سأتوقف عند الموضوعة الأولى الحروب الإمبريالية والتعديات والتحديات التي تواجه السلام وبشكل خاص الحروب على المنطقة العربية.

قدمت مداخلات متعددة عن نضال شعوب العالم المضطهدة ضد الإمبريالية وضد الإرهاب العالمي الذي يستمد قوته ووحشيته من دول إمبريالية ورجعية لها مصلحة في تقويض نضال الشعوب والعبث بمقدراتها من خلال تقسيمها إلى مجتمعات وأعراق متناحرة طائفاً وإثنياً.

فقد اختلت موازين القوى على الصعيد العالمي بعد انهيار المنظومة الاشتراكية التي كانت لها مكانتها على المستوى العالمي في الحفاظ على السلم العالمي وردع القوى الإمبريالية في إشعال الحروب، وهو ما نراه اليوم في هذه الحروب الإمبريالية وفي اعتداءاتها وتحدياتها ضد السلم العالمي.. ومما جاء في البيان الصادر عن المؤتمر:

(إن مآسي الحروب التي تتكبدها شعوب بلدان سورية والعراق وليبيا واليمن وفلسطين في واقع دفعت به الإمبريالية الأمريكية وأقامت حروب واقتتال ودماء تسيل ورجال ونساء وأطفال تقتل وتهجر، في حين أن دول المنطقة تتكالب على شراء أسلحة الموت والدمار بمليارات الدولارات من الدول الإمبريالية.

وكلنا يعلم أن الإمبريالية اتخذت من وسائل الإرهاب في إنشاء منظمات إرهابية دينية متطرفة تقوم برعايتها وتدفع بها في دول المنطقة في إشعال الحروب الأهلية ضمن جرائم بشعة في القتل والإرهاب والتنكيل.

إن الإمبريالية تقوم على رعاية وحماية الإسلام السياسي الذي يحتضن المنظمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة وخلافها من المنظمات الإرهابية، ويقوم بتسويق أنشطتها الإرهابية في إشعال الحروب الأهلية في المنطقة، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى إنعاش أسواق الأسلحة التي تدفع بمليارات الدولارات إلى جيوب الإمبريالية على صعيد العالم.

جرى تضامن كبير مع الشعوب العربية في مواجهة الإرهاب والحروب التدميرية، ومن أجل إحلال السلام في المنطقة العربية.. وتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وكانت القضية الصحراوية حاضرة من خلال مداخلات بعض الوفود النسائية المشاركية حيث عبرت وفود روسيا وأنغولا وكوبا وكولومبيا وبعض البلدان العربية عن تضامنها مع الشعب الصحراوي الذي يعاني الاحتلال المغربي لجزء من وطنه، ومع نضال المرأة الصحراوية المكافحة من أجل الحرية.

وقد تم انتخاب هيئة قيادة جديدة، ففازت السلفادورية لورينا بينا بمنصب الرئيسة، وهي مناضلة معروفة، كذلك فازت القبرصية سكيفي كوكوما بمنصب نائبة الرئيسة، هذا وقد تم تجديد مسؤولية منسقة المركز الإقليمي العربي ممثلاً بالمناضلة ليندا مطر.

وأخيراً يمكن القول إن مؤتمر الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في كولومبيا، شكل محطة مهمة لنقاشات في العمق، رافضاً فكرة السيطرة لأحد في العالم الذي يشهد تحركات شعبية في عدد كبير من العواصم، وضرورة إعطاء السلام فرصته الكاملة في وجه التصعيد الإمبريالي العسكري عبر القارات، وخصوصاً الحروب العدوانية في العراق وسورية ولبنان وفلسطين وليبيا واليمن، كما أثار المؤتمر إلى الحرب غير المعلنة التي تفرضها الشركات الحديثة الليبرالية التي فتحت الطريق أمام الجوع وسوء التغذية والأمراض والبؤس والأمية والظلم، وطالب البيان بعالم تحترم فيه حقوق كل مواطن وإلغاء كل أشكال التميز والعنف ضد المرأة.

العدد 1104 - 24/4/2024