العادات والأعراف المجتمعية ودور الشباب في تغييرها

 في أغلب مجتمعات الشرق تسود عادات وأعراف تُسيّر أفرادها على نهجها لتصبح قانوناً من الصعب الخروج والتخلي عنها، حتى لكأنها تنتزع جلد صاحبها وما يحويه.

ويجدر التنبيه إلى أن العادات الاجتماعية تختلف عن التقاليد.
فالعادات تتميز بأنها تلقائية وعامة يتبعها الأفراد في مختلف طبقات ومستويات المجتمع وأنماط الحضرية والريفية، أما التقاليد فتُستمَد من الأجيال السابقة، التي غالباً ما تكون مختصة بإقليم معين أو طبقة معينة، كتقاليد الطبقة العليا، أو تقاليد القبيلة.
ويُطلق عليها أيضاً العادات التقليدية.

والعادات الاجتماعية تحظى غالباً بتأييد الجماعة وقبولها، أي أنها تكون ذات قيمة اجتماعية من شأنها أن تحدث ردود فعل تتمثل في الفزع والاستهجان والاستياء بالنسبة لمخالفيها.

وهذا الاستهجان يؤثر على الشباب تأثيراً كبيراً، إذ يشكل عندهم خوفاً من التغيير، وحذراً وحرصاً شديدين على عدم إبداء آرائهم الشخصية المغايرة، كي لا يتعرضوا لهجوم من الأهل والمجتمع، مما يجعلهم ينجرفون مع تيار هذه العادات، بالرغم من عدم قناعتهم بها والرغبة في تغييرها.
وهذا يجعل الشباب يدخلون في أزمات نفسية مزدوجة متولدة عن الأزمات المتوارثة، والمركبة القائمة أصلاً، وأخرى ناتجة عن التأثيرات القادمة من الإنترنت والفضائيات، التي تعكس ثقافة ومفاهيم مجتمعات أخرى غريبة، وتتحدث عن رفاهية خيالية نسبة لشباب البلدان الفقيرة، ما يهدد الشباب في هذه البلدان بأزمات جديدة جراء هذا المد العولمي.

فالعادات الاجتماعية إذاً، هي سلوك اجتماعي قهري مُلزم، يدخل في تكوينها قيم دينية وعرفية تجعل الأفراد وخاصة فئة الشباب يسايرون المجتمع ويوافقونه بالسلوك في مختلف الأحداث والمواقف الاجتماعية المتكررة، كعادة الزواج المبكر، وعادة زواج الأقارب، وجرائم الثأر، وعادات التنشئة الاجتماعية، وعادة حرمان الفتاة من حقها في التعليم في الأرياف، وغيرها من العادات الأخرى.

وهذا طبعاً يشكل مشكلة خطيرة، إذ إن خوف الشباب من التغيير يُقيّد الحياة والمجتمع، ويمنعه من التقدم ومن مواكبة الدول الحضارية الأخرى، فتبقى الدول في شرنقة التخلف والجهل، لتغلُّب العادة على إرادة التطور.

وهذا مرتبط بالموروث العقائدي والاجتماعي وطبيعة القيم والعادات والتقاليد، وتركيب المجتمع والعائلة، ومستوى الانفتاح الاجتماعي، وطبيعة النظم القائمة، وعدم توفر البرامج والخطط الكافية للتأهيل والتنشئة والتربية.

لهذا يجب البحث عن أفضل السبل لتنشئة الشباب وتربيته تربية متوازنة تضمن تكيّفه الايجابي مع ما يحصل من تطورات، وتحميه من التقوقع والانكفاء أو الانسحاب.
وهذا يكون بالتركيز على رعاية الشباب صحياً ونفسياً وتربوياً لبناء الشخصية القيادية القادرة على تحمل الأعباء ومواجهة الصعاب بما يحقق الآمال العريضة والكبيرة المعقودة على الشباب.

أخيراً.. تحضرني مقولة للكاتب ميخائيل نعيمة يقول فيها:(قبل أن تفكروا في التخلّص من حاكم مستبد، تخلصوا مما يستبد بكم من عادات وتقاليد وشهوات سود).

 

العدد 1105 - 01/5/2024