لا أؤمن بهذا الإله !

عاد أخي من معلولا، ليخبرنا ما حَلّ ببيوتنا التي اضطررنا للنزوح منها، منذ التفجير الشيطاني صباح يوم من أيلول الماضي، تفجير سيارة مفخخة، تفجير أيقظ القرية من غفوة سلامها وتسليم إيمانها.

أخذ يخبرنا عن وضع القرية، ووضع بيوتنا، وكيف دخلها التكفيريون، وهذه ليست لغة التلفزيون العربي السوري، بل لغتي، هذه المرة.

دخلوا بيوتنا وسرقوا ومزقوا صور القديسين والكتب المقدسة… وحملوا دنسهم وانصرفوا. يا ويحهم! ويا ويح هذا الإله، الغريب الذي جاؤوا ليبشروا به: إلهٌ مرعبٌ، مخيفٌ، همجيٌّ ودمويٌّ! اعذروني، فأنا لا أؤمن بهذا الإله ولا أقبل اختلافي عنهم، فهذا أكبر من طاقتي.

لأن إلهنا نحن البشر إلهٌ محبٌّ، حنونٌ، طويل الأناة وكثير الرحمة. لقد قدمت معلولا منذ بداية الصراع في سوريو العديد من الشهداء، ولا يزال سبعة من أبنائها مخطوفين، إضافة إلى الأضرار التي أصابت الأماكن المقدسة والقرية القديمة ونزوح قرية بأكملها خلال ساعات!

 أن يتعاطف العالم بأسره مع معلولا، تلك القرية القلمونية الصغيرة، فهذا ليس تعاطفاً معنا، نحن أبناءها، فنحن أناسٌ عاديون. هو تضامنٌ مع ألسن لا تزال تنطق بآرامية فلسطين، آرامية يسوع المسيح الناصري، هو تضامنٌ مع أرض مقدسة لها رهبتها تشتمّ فيها رائحة التاريخ. فكما قال أحدهم: (لو توقف المعلوليون يوماً عن النطق، فسألوا الصخور عن معلولا والأوابد، فهي تروي لكم الحكاية من البداية إلى النهاية)!

لكننا بالرغم من مصابنا لا ننتقم، فنحن عندما نُجْرَحُ لا نرد الدم بالدم.نغضب، نحزن، نبتعد عن الموقف ونصلي، نصلي ونصلي…

نصلي لإلهنا الحنون، المحب، طويل الأناة وكثير الرحمة، ليرأف ببلده سورية ويخلّصها، مهما طال الزمن أو كبرت المصائب والمحن!

العدد 1105 - 01/5/2024