عروستنا الحلوة يا نيسانة حلوة

عودة إلى دمشق بعد إجازة استمرت خمسة أيام بعيداً عنها،عودة إلى ضغط العمل والتواصل مع الناس. نعود بلهفة وشوق وحماسة، وننسى كل المتاعب التي تسببها لنا السيدة دمشق مع دخولنا النصف الثاني من العام الثالث للأزمة.

منذ بداية الأزمة حسم كثير من الناس أمرهم وحزموا حقائبهم وتركوك بحثاً عن رزقهم وأمنهم، أو ربما ليبحثوا عن أنفسهم بعيداً عنكِ، ولا نلوم أحداً على قراره، فالزمن زمن حرب و(يا روح مابعدك روح) فلا فائدة من التنظير وبيع الوطنيات.

أما أنا فقد قررت كالمجنونة الالتصاق بكِ، وليس هذا فحسب بل ازداد تعلقي بكِ، بفوضاكِ وتنظيمكِ، بهمجيتكِ ونعومتكِ، بهدوئكِ وصخبكِ.

في الفترة الأخيرة لم أعد أستقل سيارة تكسي، ولا حتى باص الدولة الكبير. وصرت  أمشي وأمشي وأمشي بشوارعكِ وساحاتكِ، وكأنني أريد أن ألتهمكِ، أن أشبع منك، وأن أؤكدَ لكِ أنني أحبكِ. أتفهمين إنني أحبُكِ!

أمشي وأنظر بوجوه الناس، وكأنني أريد أن أقول لهم (الحمد لله على سلامتنا، ما زلنا بخير على الرغم من مصابنا). أنظر إلى قاسيون وأتفقده بعيوني لأجدهُ شامخاً ومرتاحاً.. حبيبي قاسيون شامخٌ ومرتاح.

فبعد كل تفجير كان يحلُ بكِ كنتُ أبكي وأبكي وأبكي، وأفاجأ كل مرة وأنهزم، ولكن كبريائي وعنفواني السوري يأبى إلا أن ألملم نفسي من جديد، وتحمَّليني أنا ابنتكِ، وأمشي وأمشي وقاسيون حبيبي شامخٌ ومرتاح.

أنا أعلنُ من جديد موقفي السياسي، اليوم أنا مع قاسيون حبيبي، معكِ دمشق، مع الناس ووجوههم وآمالهم وحنينهم إليكِ، أنتِ دمشق أقدم عاصمة في التاريخ، أنتِ كبرياؤنا العنيد، أنتِ قلب سورية وقلبنا، أنتِ  وأستعير التشبيه من إحدى أغنيات السيدة فيروز: (عروستنا الحلوة ويا نيسانة حلوة).

أسأل نفسي دائماً: ماذا لو حكمت الأيام واضطُررتُ للإقامة بعيداً عنكِ في مدينة غريبة غيركِ؟ كيف سأحتمل نفسي بعيداً عنكِ؟ قولي لي كيفَ سأشفى من حبكِ ووجعي إليكِ؟

العدد 1105 - 01/5/2024