الذكرى المئوية والمصالحة الحزبية

د.سلمان صبيحة:

قريباً سيحتفل كل الشيوعيين السوريين بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري المجيد، ونأمل أن لا يحتفل كل طرف شيوعي وحده، وأن نشهد احتفالاً حاشداً واحداً موحداً يجمع كلّ الأطراف الشيوعية والتقدمية وأصدقائهم معاً.

مئة عام مضت على وجود هذا الحزب العظيم، حزب العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين، على أرض وطننا الغالي سورية، وقد ضمّ آلافاً مؤلفة من الرفاق الشيوعيين طليعة المجتمع السوري بكل مكوناته وأشكاله وألوانه، خاضوا أشرس وأقسى المعارك الوطنية والطبقية، من أجل استقلال سورية والحفاظ على وحدتها، وتطهيرها من عملاء الاستعمار والرجعية، وبناء المجتمع الاشتراكي حيث لا ظلم فيه ولا قهر ولا استبداد.

خلال هذه المرحلة الطويلة من النضال قدّم الحزب المئات من الشهداء قرابين طاهرة على مذبح الحرية والاستقلال، وعانى الآلاف من أعضائه من الاعتقال والتعذيب والنفي والتهجير والتشريد، وقدم رفاقنا صوراً من البطولات الأسطورية الخالدة التي مازلنا نتغنى بها حتى الآن.

لقد أكد الشيوعيون السوريون مع كل القوى الوطنية والتقدمية في البلاد على الثوابت الأساسية، وأن القضية الفلسطينية هي حجر الزاوية، وأن الموقف الوطني والتمسك به هو البوصلة، والدفاع عن استقلال سورية وسيادتها ووحدتها أرضاً وشعباً.

خلال مسيرة الحزب التاريخية ونظرا لدوره الوطني المشرف والمؤثر كان لابد لهذا الحزب، مثله مثل العديد من الأحزاب الوطنية والتقدمية وحركات التحرر في العالم، أن يتعرض لبعض النكسات أو المؤامرات وتظهر أراء مختلفة ومتباينة وخاصة مع بداية انهيار الإتحاد السوفياتي وتفكّك منظومة الدول الاشتراكية، الذي أدى بطبيعة الحال لظهور أفكار جديدة وتيارات مختلفة ضمن الحزب الواحد تأثرت بهذا الشكل أو ذاك بما يجري من تطورات في العالم انعكس على عمل الحزب وأعضائه، وظهرت بعض السلبيات هنا وهناك نتيجة التباينات في الأفكار والآراء ونتيجة لضعف الحوار الرفاقي البناء وعدم الاستماع إلى الرأي الآخر واحتكار الحقيقة…

إن المقالة الهامة والجريئة التي كتبها الرفيق نجم الدين خريط (الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد) في جريدة (النور) مؤخراً عن ضرورة وحدة الشيوعيين السوريين على شرف الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري قد تكون خطوة جيدة ورائدة وملموسة في هذا المجال، ونتمنى من رفاقنا في الأطراف الأخرى ملاقاتها والرد على هذه الدعوة بإيجابية خدمةً للحزب وللوطن.

أعتقد أنه آن الأوان لعقد المصالحة الحزبية التاريخية بين الشيوعيين السوريين، واللقاء والمصافحة ووضع الخلافات الشخصية جانباً، وبداية صفحة جديدة مع المئوية الجديدة من أجل بناء حزب شيوعي سوري ماركسي موحد وفق الأسس اللينينية بالتنظيم، آخذين بعين الاعتبار التطورات الجديدة في العالم، التقنية والتكنولوجية والثورة الرقمية والاتصالات والمعلومات.

نتمنى أن نحتفل جميعنا في احتفال موحد بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب، وبوحدة الرفاق جميعهم تحت علم الوطن والحزب، وهذه الوحدة ستكون مثالاً حيّاً يقتدي به كل الأحزاب وحركات التحرر التي تعاني من الانقسامات والخلافات، وستكون هذه المصالحة خطوة هامة نحو المصالحة الوطنية الشاملة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في البلاد، وستصب في مصلحة القوى الوطنية والتقدمية والمقاومة للإمبريالية والصهيونية والإرهاب، وستفتح صفحة جديدة في النضال الوطني من أجل صون وحدة سورية وسلامة أراضيها وعزّتها وكرامتها الوطنية.

ليكُنْ شعارنا اليوم: حزب شيوعي سوري واحد من أجل سورية أمّنا الحبيبة!

٨/٢/٢٠٢٤.

العدد 1105 - 01/5/2024