تحية حب وشكر ووفاء! في الذكرى الـ 64 لتأسيس جامعة باتريس لومومبا للصداقة بين الشعوب في موسكو!

طلال الإمام – السويد:

كان لي الشرف أن أمضي في هذا الصرح التعليمي سنوات من العمر أعدّها من أجمل السنين، والمسألة لا تعود فقط  إلى  التحصيل العلمي، وإنما  إلى  تلك الاجواء التي أحاطتنا طوال فترة الدراسة الجامعية. أتاحت لي الدراسة في هذه الجامعة التعرف على شعوب القارات الخمس وعاداتها.. كنا نشعر أننا أسرة واحدة نحتفل معاً بيوم استقلال بلد في آسيا، إفريقيا، الأمريكيتين وأوربا، وكأنه عيدنا، احتضننا الشعب السوفيتي/ الروسي بكل حب وود واحترام، لم نشعر يوما أننا غرباء، لم نشعر يوماً بنظرة عنصرية من قبل شعب قدّم كل إمكانياته (ويمكن القول على حساب رفاهيته) من أجل تهيئة كوادر علمية للبلدان التي استقلت حديثاً أو تلك المستقلة منذ فترة. كان الشرط الاساسي المفروض على طلاب الجامعة العودة إلى بلدانهم فوراً بعد تخرجهم ليساهموا في نهضتها وتقدمها.. لذلك تبوأ العديد من الخريجين مناصب علمية وسياسية.. مثبتين جدارة علمية واحترام من يتعاملون معهم. كان من الكبائر التفوّه بأي كلمة أو أي تصرف فيه نزعة عنصرية اتجاه الآخر.

حوربت الجامعة في البداية كثيراً من بعض الدول، وأُلصقت بها مختلف النعوت من شاكلة أنها ليست جامعة علمية وإنما معسكرات تدريب للثوار.. ووصل الأمر إلى درجة أن بعض الدول لم تكن تعترف بالشهادات التي يحصل عليها الطالب من هذه الجامعة!

في ردهات الجامعة وعلى مقاعدها التقينا بطلاب ليس فقط من شعوب وبلدان أخرى، نحن السوريين التقينا بأبناء وطننا القادمين من شمال الوطن، وجنوبه، ومن شرقه وغربه.. لم يكن يهمّنا معرفة الانتماء الديني/ الطائفي أو الإثني، يكفي أننا سوريون. وإن اختلفنا في بعض التفاصيل، كان الاختلاف يتمحور حول كيفية خدمة الوطن والقضية التي توحّدنا.

إضافةً إلى التحصيل العلمي، أتيحت لنا رحلات إلى مختلف جمهوريات الاتحاد السوفييتي الخمس عشرة، أو المساهمة في أعمال تطوعية.. أذكر أنه كانت هناك رحلة تُسمّى (قطار الصداقة) تضمّ الطلاب الراغبين من مختلف الجامعات والمعاهد إلى إحدى الجمهوريات، للاطلاع على أماكنها التاريخية، الثقافية، مع حفلات سمر. يمكن أن نكتب الكثير عن سنوات الدراسة في جامعة الصداقة.. رغم مرور عشرات السنين عليها إلا أننا ما زلنا نحتفظ بذكرى طيبة عن الجامعة، وعن الذين أمضينا تلك الفترة برفقتهم.

أخيراً لا بدّ من الإشارة إلى أن الجامعة تضمّ 10 كليات أساسية و7 معاهد، و33 مركزاً للبحوث العلمية، وأكثر من 150 مختبراً علمياً، ويدرس فيها طلاب من 450 قومية مختلفة من أكثر من 140 دولة، وعدد طلابها نحو 26 ألف طالب وطالبة وطلاب دكتوراه.

تأسست الجامعة في الخامس من شهر شباط (فبراير) 1960، وأطلق عليها في 22شباط (فبراير) 1961 اسم المناضل الإفريقي (باتريس لومومبا).

تحية حب ووفاء لهذا الصرح العالمي الأممي في ذكرى تأسيسه!

والشكر لشعوب الاتحاد السوفيتي والروسي الذي احتضننا بكل حب!

العدد 1105 - 01/5/2024