أعوام تمضي

وعد حسون نصر:

أعوام تمضي.. وسنغلق الباب على عام آخر انتهى، لنبدأ عاماً جديداً لا ندري ما قد يحمل معه، هل سيكون دافئاً تحمل لنا أيامه معها الخير والحب؟ أم سيكون كما العام الذي سبقه بارداً ليالي شتائه كستها الظلمة ومواقده افتقدت للنار؟

أيام تمرُّ مُعتّقة ببرد وجوع وقهر وأحلام بائسة! أيضاً كانت ليالي صيفه حارة تحييها أصوات حشرات الليل، وازداد اشتياقنا لقطرة ماء بارد تبتل بها العروق. لا ندري ماذا تخبئ لنا الأيام؟ لكن نعلم تماماً أن الغلاء والتضخم الاقتصادي والفرق الشاسع بين الدخل والمصروف جعلنا جميعاً تحت خط الفقر، أيضاً جاء ارتفاع سعر الدواء الذي لا يعتبر مادة رفاهية بل هو مادة أساسية وخاصة لأصحاب الأمراض المزمنة وأمراض الشيخوخة، السكري، والضغط والقلب، والتحسس والغدة.. الخ. هذا الارتفاع سيكون سبباً مباشراً لإنهاء حياة مرضى كُثر عاجزين عن تأمين الدواء. كذلك تقنين رغيف الخبز في الأفران الحكومية وتحكّم بعض ضعاف النفوس بالاتجار بهذه المادة التي تُسمّى بالأساس لقمة عيش ستزيد من نسبة الجوع ومن نسبة فقدان الغذاء للكثيرين الذين يُعتبر الخبز المادة الأساسية التي لا يوجد لديهم بديل آخر عنها. وهناك ارتفاع سعر الوقود وخاصة الصناعي وفرض ضرائب باهظة على أصحاب المنشآت الصناعية والورش الصغيرة من معامل غذائية إلى معامل خياطة الملابس، كما معامل صناعة الأدوات الكهربائية، كل هذا سوف يسهم بارتفاع أسعار هذه السلع وبالتالي ضعف قوة الشراء لدى المستهلك، وسيعتبر الكثيرون أن هذه السلع كمالية يمكنهم الاستغناء عنها، وخاصة ربّ الأسرة الذي بات يعتبر شراء قميص أو سروال جديد له أو لزوجته نوعاً من الرفاهية، فالأهم تأمين ملابس الأولاد مهما كانت باهظة وخاصة في الشتاء. كما أن ارتفاع سعر الغاز قد حرم الكثيرين من متعة فنجان قهوة الصباح، ومن كوب شاي ساخن مع سندويشة الزعتر المحمرة في سهرات البوح مع متة المساء. والأهم من كل هذا غياب عصب الحياة: الكهرباء، التي باتت شبه معدومة، فغاب معها النور والدفء ودوران عجلات المصانع واستخدام أغراض المنزل من غسالة ومكنسة ومحضر الطعام.. الخ فبغياب الكهرباء غاب الكثير من مستلزمات حياتنا، فهي لم تكن يوماً حاجة كمالية، لأن الكهرباء عصب الحياة ومحركها على مستوى الأفراد والمؤسسات ومختلف القطاعات، وبذلك غابت معها الكثير من أعمالنا، مثلما غاب معها الفرح برأيي الشخصي، فغياب النور يعني انتشار الظلام، وانتشار الظلام يعني اسوداد وانسداد أفق الحياة.

حياتنا عاماً بعد عام تزداد سواداً، فلا أمل إذا لم تسعَ جميع الجهات المعنية إلى ايجاد حلول على كل الأصعدة، حلول تساعد المواطن لينهض من جديد ويسهم في إعادة الحياة له وللبلد التي باتت يوماً بعد آخر تحتضر. نعم، يجب إيجاد حلول سريعة ابتداءً من دراسة أسعار المواد الاستهلاكية بشكل يتناسب مع دخل الفرد، وخصوصاً الدواء والخبر والملابس والأحذية، تخفيف الضرائب على الصناعيين وأصحاب الحرف والمنشآت الصغيرة التي تسد حاجة الأسواق الشعبية وتسهم إلى حد كبير من رفع القدرة الشرائية للطبقة ذات الدخل المحدود في المجتمع، لاسيما أن هذه الطبقة تشكل النسبة الكبيرة من المجتمع السوري. كذلك توفير الوقود والكهرباء فهما سيعيدان الحياة لهذا البلد، لأنه لا يمكن لبلد أن ينهض بلا عصبها والكهرباء والوقود فهما عصب الصناعة والزراعة في بلدنا.

فلكي تعود أعوامنا مُبشّرة بالخير لا تغلقوها بظلام وتفتحوها على ظلام، أنيروا لنا شجرة الميلاد ليصبح عامنا الجديد ولادة حياة واستقرار مقيم.

العدد 1104 - 24/4/2024