العنف ضد النساء

محاضرة لينا الاشتر..ندوة فرع حلب لرابطة النساء السوريات

بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد النساء، أقامت رابطة النساء السوريات /فرع حلب محاضرة بعنوان (لا للعنف ضد المرأة) بمكتب الحزب الشيوعي السوري الموحد يوم السبت 2023/12/9 بحضور الرفيق أحمد سجيع عضو اللجنة المركزية والرفيق نضال البلا سكرتير اللجنة المنطقية والرفيقان (هيثم بيطار وحسن سلاح) أعضاء اللجنة المنطقية,

وبعد أن رحبت الرفيقة فاديا كسار رئيسة فرع حلب لرابطة النساء السوريات بالرفاق والرفيقات وصديقات الرابطة، ألقت الرفيقة لينا أشتر  المحاضرة التالية:

العنف ضد المرأة من أهم القضايا التي يجب تناولها وإيلاؤها الاهتمام اللازم، لأن آثاره قد تكون مدمرة لحياتها، فهو يعيق حريتها ويشكل عائقاً يقف في وجه حصولها على حقوقها المشروعة والبديهية، فضلاً عن آثاره السلبية التي لا تقف عند المرأة فقط، بل تنعكس انعكاساً سيّئاً وسلبياً على المجتمع بأكمله بدءاً من الأسرة.

تعريف العنف ضد المرأة كما عرفته الأمم المتحدة بالمعنى الخاص وليس الشمولي هو (كلّ عمل من أعمال العنف القائم على النوع الاجتماعي أو نوع الجنس) الذي ينتج عنه أو قد يؤدي إلى معاناة جسدية أو جنسية أو عقلية للمرأة، ويشمل هذا العنف: الإكراه والتهديد والحرمان من الحرية والإيذاء النفسي وممارسة سلوكيات التحكم والضرب والتمييز القائم على النوع الاجتماعي في (القوانين والديانات والأعراف والعادات والتقاليد).

وقد أقرت الأمم المتحدة 25 تشرين الثاني يوماً عالمياً لمناهضة العنف ضد النساء، وهذا مؤشّر قويّ على أن نسبة العنف ضد النساء تفوق التصور.

حقائق وأرقام:

  • هناك إحصائيات ونسب حسب تقارير الأمم المتحدة مثيرة للدهشة، وهو أن عدد النساء المعنفات في العالم 736 مليون امرأة أو فتاة، أي من بين كل ثلاث نسوة في العالم هناك واحدة منهن تتعرض للعنف، وهذا يدل على الواقع السيّئ الذي تعيشه المجتمعات من النواحي الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية.
  • تقتل خمس نساء أو فتيات في كل ساعة على يد أحد أفراد أسرهن.
  • تعيش 86% من النساء والفتيات في بلدان لا توجد فيها أنظمة حماية قانونية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
  • تُخصّص 5% فقط من المساعدات الحكومية العالمية لمكافحة العنف ضد المرأة، وهذا القدر ضئيل جداً ومثير للقلق، وما يجري استثماره من هذه النسبة 0,2 % فقط للوقاية منه.

أشكال العنف وآثاره:

1- العنف الجسدي: وهو أكثر الأشكال وضوحاً، ويشمل كلّ استخدام للقوة الجسدية ضد المرأة والصفع والركل والضرب بأدوات تسبّب الأذى للجسد.

2- العنف النفسي: يرتبط بالعنف الجسدي، فالمرأة التي تتعرض للعنف الجسدي سيترك ذلك أثراً نفسياً عميقاً في نفسها وروحها وعلى كافة نواحي حياتها وفي شخصيتها، فيقلل من إمكانياتها ويضعف ثقتها في نفسها ويسبب لها اكتئاباً وخوفاً وقلقاً، إضافة إلى الأثر الذي سيتركه في مستوى تقديرها لذاتها وعجزها عن السيطرة على الأمور من حولها.

3- العنف اللفظي: مثلما يؤثر العنف الجسدي في نفسية المرأة، فإن للعنف اللفظي أثراً واضحاً وأكبر في صحتها النفسية، ومن أمثلة هذا النوع من العنف: (الصراخ عليها في الأماكن العامة، واستخدام عبارات وألفاظ تقلّل من شأنها وتحقّرها أمام الناس).

4- العنف الاقتصادي: يعود السبب في هذا العنف إلى عدم قدرة المرأة على الحصول على المال بسبب تبعيتها المالية لزوجها، فهي غير قادرة نتيجة لذلك على اتخاذ أيّ قرار مالي، ولا حتى على الإدلاء برأيها فيما يتعلق بالأمور المالية، وذلك على اعتبار أن الرجل هو من يقوم بتحصيله.

ومن صور العنف الاقتصادي: (منع المرأة من العمل بالقوة – مضايقتها أثناء العمل- حرمانها من الحاجات الأساسية كالغذاء والملابس – حرمانها من التعليم والميراث).

5– العنف السياسي: هو شكل من اشكال العنف الممارس ضد المرأة وهو عنف ممنهج وموجه تسلب المرأة من خلاله حق التعبير عن رأيها السياسي كالترشح في البرلمان أو المجالس البلدية أو في الأحزاب السياسية وهذا العنف غالباً لا يكون مباشراً بل يأخذ شكلاً رمزياً فالنساء فيه تكون خاضعات لمنظومة الإبعاد بوصفهن عاجزات عن اتخاذ القرار وأداء دوراً فاعلاً في المجتمع.

 

6– العنف ضد المرأة في النزاعات والحروب:

هو من أسوء أشكال العنف واشدها ضررا على المرأة لأنها الحلقة الأضعف في المجتمع وهي أداة للحرب  ومن خلاله تتعرض المرأة إلى عنف مضاعف مرةً من العنف الممارس ضدها من القوانين التمييزية وأشكال العنف الأخرى ومرة أخرى من تداعيات الحروب والصراعات فالنساء في فلسطين منذ نشوء الاحتلال تتعرضن لأقذر أنواع الجرائم التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي من تدمير وقتل وتهجير وهدم للمنازل والاعتقال التعسفي وازداد الأمر سوءً بسبب الحرب التي يشنها العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني حيث أشارت التقارير المقدمة إلى الامم المتحدة أنه حتى الثالث من شهر تشرين الثاني كان هناك ما يقدر بنحو 67 % من الشهداء في غزة من النساء والأطفال وعلى الرغم من أن جميع النساء والفتيات وقد عانين من هذا الصراع إلا أن الأثر مدمراً بشكل خاص بالنسبة للأمهات اللواتي قتل العديد من أطفالهن أو تم تشويههم أو إصابتهم بجروح خطيرة.

أما في سوريا فلا تزال النساء في منطقة عفرين قابعة تحت ظل الاحتلال التركي (العثماني ) وحسب تقارير منظمة حقوق الإنسان فإن حصيلة جرائم الاحتلال التركي لغاية عام 2022 هي ألف امرأة مختطفة وتسع وتسعون امرأة مقتولة فيما تعرضت أربع وسبعون امرأة لجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي.

7– العنف القانوني: هو التمييز ضد النساء على أساس النوع الاجتماعي في الدساتير أو القوانين الوطنية مما يخلف أذية للنساء.

لنرى كيف يتم تكريس العنف القانوني في بعض قوانين الدولة السورية فيما يلي:

  1. لا يوجد في سوريا قانون خاص يتعامل مع العنف المنزلي ضد النساء فقد تعامل القضاء في سوريا مع هذا النوع من الجرائم مثلها مثل باقي الجرائم المتعلقة بالإيذاء والمشاجرة المنصوص عليها في المادة (540) وما بعدها من قانون العقوبات السوري وغالباً لا تقوم الزوجة بتقديم أي شكوى [أي الادعاء] ضد زوجها لأسباب عديدة منها الخوف من الفضيحة الاجتماعية.
  2. بالنسبة لجريمة الاغتصاب المنصوص عتها في المادة (508) من قانون العقوبات السوري فقد أعفت المغتصب من جريمته إذا تزوج من المغتصبة التي تكون أولاً ضحية للمغتصب وثانياً ضحية للمجتمع الذي سيحتقرها لأنها فقدت شرفها وعذريتها ولهذا أثراً نفسياً عميقاً في حياتها وحياة أسرتها.
  3. الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة (أو) جرائم الشرف حيث نص قانون العقوبات السوري في المادة (548) حتى 2009 على إعفاء الرجل الذي يقتل زوجته أو أخته أو إحدى أصوله أو فروعه التي يفاجئها في جرم الزنا بشكل كامل وهذا ما كان يسميه القانون [العذر المحل] ثم وضع حد أدنى للعقوبة بالسجن سنتين ثم رفع إلى خمس سنوات وهناك تمييز واضح في هذه المادة إذ لا يوجد مادة مماثلة تخفف العقوبة إذا تفاجأت الزوجة بزوجها أثناء حالة جنسية غير مشروعة وإذا قامت بقتل زوجها لا تخفف عقوبتها. ولكن بتاريخ 17/3/2020 تم إلغاء المادة وأصبح التعاطي معها كجريمة بدون تخفيف ولكن مع الأسف الشديد تَرك للقاضي السلطة التقديرية بأنه إذا تبين للقاضي أن الدافع كان شريفاً فيحاكم المجرم بالحبس البسيط بدلاً من الحبس مع التشغيل.
  4. في قانون الأحوال الشخصية السوري فقد ذهب المشرع إلى السماح للزوج بضرب زوجته ضرباً خفيفاً حيث نصت المادة (309) “يباح للزوج تأديب المرأة تأديباً خفيفاً على كل معصية لم يرد في شانها حد مقدر ولا يجوز له أصلاً أن يضربها ضرباً فاحشاً ولو بحق”.

حلول القضاء على العنف ضد المرأة:

  • للقضاء على العنف ضد النساء تحتاج إلى ثورة تشريعية كبيرة يتم فيها اصدار تشريعات صارمة لمكافحة العنف ضد المرأة ومعاقبة الذين يرتكبون العنف ووضع تشريعات تحمي المرأة وتضمن لها المساواة الحقيقة مع الرجل وإلغاء المواد التمييزية في جميع القوانين المحلية.
  • التوعية والتثقيف يجب زيادة الوعي حول مشكلة العنف ضد المرأة من خلال حملات التوعية والتثقيف في وسائل الاعلام.
  • توفير مكان آمن للنساء لضحايا العنف وذلك من خلال إنشاء مراكز استضافة توفر الحماية والدعم النفسي لهم.
  • تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً يمكن ذلك من خلال توفير فرص العمل والتعليم والتدريب ودعم المشاريع النسوية وتعزيز المشاركة السياسية للنساء.
  • تشجيع النساء على الابلاغ عن حالات العنف وتوفير آليات سهلة آمنة مع ضمان سرية المعلومات وعدم تعرضهن للانتقام.

 

العدد 1104 - 24/4/2024