مهارات الشباب بين مواهب ضائعة وأحلام زائفة

د. عبادة دعدوش:

تُعتبر مرحلة الشباب من أهمّ المراحل التي يمرُّ بها الفرد، إذ تبدأ شخصيته بالتبلّور والنضج من خلال ما يكتسبه من مهارات وخبرات ومعارف وعلوم، ومن خلال النضوج العقلي والعلاقات الاجتماعية المتنوعة والصحيّة التي يستطيع الفرد صياغتها كما يرغب وبالأسلوب الذي يحبه ويعود عليه وعلى الآخرين بالفائدة طبعاً.

اليوم، يعيش الشباب السوري تحديداً معتمداً على الفرص المتاحة أمامه للتقدّم، وهذا ما قد يخلق ثغرة كبيرة في ظلِّ واقع سوري صعب يفرض سيطرته على قطاعات مُحدّدة دون الأخرى، لوجود الكثير من المُعيقات الاقتصادية وغيرها، الأمر الذي يدفع بالشباب للمجازفة في فرص لا تفيدهم ولا تُشبه ما يمتلكونه من مواهب وخبرات، فيقضون العمر ضمن دائرة الجهد الذي يكون فيها الاعتماد على بذل الجهد الكبير مقابل فعّالية أقلّ، والقليل منهم من يدركون الأمر قبل فوات الأوان مُتّجهين بذلك نحو اكتساب مهارات تقوّي ما يمتلكوه من مواهب وتساعدهم لخلق فرصهم بأيديهم ضمن دائرة الإبداع التي تعتمد على جهد أقل وجودة أكبر بالإنجاز.

وهذا ما يُشكّل تطوراً في حياة الأفراد أولاً والمجتمع ثانياً ضمن محاولة متقدمة لتنمية مواهب الشباب والعمل على استثمارها بما يليق بها ويدفع بها نحو واقع مناسب مُتجدّد وقليل السلبيات.

ولعلَّ أول ما قد نسأله لأنفسنا: كيف يتم الاعتماد على فئة الشباب في تنمية المجتمع اليوم وتطوره؟

يكون ذلك من خلال دورهم في الأعمال التطوعية والخدمات العامة التي تحمل أنواعاً مختلفة ليكونوا قادرين على بناء شخصياتهم وتقويتها، واستثمار طاقاتهم فيما هو بنّاء وفعّال ويصبُّ في مصلحة أنفسهم والمجتمع، ويجعلهم يساهمون في مساعدة الآخرين في المجالات الصحيحة.

إضافة إلى صنع حيّز خاص من الاجتهاد الذاتي والعمل على ما يطوّر موهبة الفرد ويخلق أمامه فرص هو يصنعها بإرادته ويحصد منها نتائج مُزهرة تصنع منه فرداً مسؤولاً ومنتجاً في هذا المجتمع.

لذلك حُدِّد اليوم العالمي لمهارات الشباب الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2014 وتحديداً في 15 تموز (يوليو) من كل عام. وقد حدّدت الجمعية هذا اليوم للتأكيد على أهمية تزويد الشباب بالمهارات والإمكانات التي تؤهلهم لشغل وظائف معينة ذات تأثير هام في المجتمع إضافة إلى تمكينهم من فكرة ريادة الأعمال.

وفي ظلِّ التعافي الاجتماعي والاقتصادي الذي يحدث، وخاصة ذلك التعافي الذي يحتاج إلى بذل الكثير من الوقت والجهد للحصول أو لاكتساب مهارة معينة تعود على الشباب بالنفع والتقدم في ضوء تحوّل العالم بشكل متسارع نحو التطور بكل أنواعه وخاصة التكنولوجي.

كيف يتحقق التغيير في المجتمع بالاستفادة من طاقات الشباب؟

يتحقق التغيير من خلال زيادة برامج التدريب والتخطيط للشباب في مراحله المختلفة لتكون القيادة في مشاريع التغيير مُتجدّدة، ولتوسيع دائرة التجارب ونقل الخبرات إلى الجيل الشبابي وفق برامج منهجية. فالشباب هم عماد الحاضر وقوة المستقبل وهم الركيزة الأساسية في بناء المجتمع وتقدّمه بما يحملونه داخلهم من طاقات إبداعية خلاقة يحرصون من خلالها على تقديم أفضل ما لديهم للمجتمع الذي يعيشون فيه، لذلك أصبح من الضروري الاعتناء بتلك الطاقات المُتجدّدة واستغلالها واستثمارها بالشكل الأمثل لتكون ضمن مسارها الصحيح.

العدد 1105 - 01/5/2024