الخسائر مستمرة في القطاع الزراعي.. البطاطا في خطر!!

رمضان إبراهيم:

إن المتابع للشأن الزراعي في سورية خلال الأعوام الخمسة الماضية حتى يومنا هذا يجد أن الخط البياني في انحدار دائم، ما يهدّد أمننا الغذائي ويجعل لقمة العيش في مهب الريح.

وإذا كنا في جريدة (النور) على الدوام قد أطلقنا الصوت عالياً للالتفات إلى الواقع الزراعي الذي يتدهور يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام، فإننا لم نلحظ آذاناً مصغية لدى الجهات المعنية بالمعالجة. وانطلاقاً من عدم وجود اليأس في قاموسنا، فها نحن أولاء اليوم نعيد الصراخ للجهات المعنية علّها تلتفت إلى واقع مزارعي البطاطا في طرطوس. فقد تعرض فلاحو سهل عكار في المحافظة المنتجين لمادة البطاطا لخسائر جسيمة جداً هذا العام، بسبب بيع إنتاجهم بأسعار متدنية جداً وتقل كثيراً عن سعر التكلفة، فتراوح سعر الكيلو الواحد بين 300-700 ليرة سورية بينما كانت كلفة إنتاجه أكثر من 1500 ليرة سورية.

وقد أدى هذا الواقع المرير إلى ارتفاع الصوت عالياً من قبل الفلاحين الذين تواصلوا معنا لمشاركتهم المعاناة وايصال صوتهم إن أمكن.

يقول الإخوة المزارعون في اتصالاتهم معنا إنه وبالرغم من كثرة الشكاوى فقد بقي الوضع على ما هو عليه واستمرت عمليات البيع بالأسعار القليلة، ما أدى إلى وقوع خسائر جسيمة لم نعد قادرين على تحملها.

نحن نتعامل مع إنتاج حي لا يحتمل التأجيل، يعني نحن لسنا معملاً ينتج المواد الغذائية الناشفة، ولا صناعات تُخزّن بالمستودعات لنضارب عليها بالسوق، فإنتاجنا للمستهلك مباشرة ولا يحتمل التأجيل، ونحن ننتج هذا الإنتاج الحي وكل ما نستخدمه من مستلزمات الإنتاج الزراعية ومن معامل الأدوية والأسمدة والمشتقات النفطية وعبوات الفلين وأكياس النايلون والكرتون كلها مسعّرة بالدولار، علماً أننا لا نعرف عنه شيئاً إلا عندما ترتفع أسعار العبوات والأدوية الزراعية والأسمدة والمازوت والبذار، لأنهم يحاسبوننا عليه، ففي الموسم الحالي عندما اشترينا بذار البطاطا كان الدولار بـ ٥٠٠٠ ليرة، والطن الواحد سعره ١٤٠٠ دولار واليوم سعر الطن على الدولار بتسعة آلاف ليرة يعني الطن الواحد صار علينا نحو 13 مليون ليرة يعني زاد علينا الضعفين، ونتعامل مع تجار أدوية وأسمدة أكثر من نصفها مغشوش ودون فعالية مع غياب الرقابة، كما نعاني من الوقت يعني الآن موسم قلع البطاطا عنا ومضطرون أن نقلع الإنتاج بأقل من شهر حتى لا يتزامن إنتاجنا وتسويقه مع إنتاج حماة وتنزل الأسعار أكثر بكثير مما نبيع به، ونحن معاناتنا كبيرة وكثيرة وكمزارعين لا نشكو، لكننا وصلنا لحالة من اليأس فالبذار وصلنا مضروب ومخالف للمواصفات هذا العام ولم يفكر فينا أحد، ترى أين الرقابة؟ لقد زرعنا اليوم لكن الموسم القادم سنتوقف عن الزراعة إذا لم يوجدوا لنا حلاً! بالمختصر تكلفة زراعة طن البطاطا خالص يكلف اليوم أكثر من عشرين مليون ليرة، بينما مبيعه بالحد الأعلى للموسم الحالي كان عشرة ملايين، يعني كل مزارع زرع عشرين طناً خسارته أكثر من ٢٥٠ مليون ليرة، أليس هذا حراماً؟ أن يذهب تعبنا وشقانا الحلال هكذا! أين العدل وأين الوعود التي نسمع بها عن دعم الفلاح؟

أخيراً

إذا كان قرار تصدير الفائض من البطاطا قد جاء دون دراسة وخبط عشواء كما يقال، فما نتمناه ألا يحصل معنا ما حصل في البصل، إذ سُمح بتصدير البصل الممتاز دون دراسة لحاجة السوق مما أوصلنا إلى مرحلة انقطاع البصل وفقدانه من الأسواق، فارتفع سعر الكيلو حتى 16 ألف ليرة سورية قبل أن تعالج الأزمة بالبصل المعفّن والمهترئ الذي زاد الطين بلّة.

نأمل المعالجة السريعة لواقع مزارعي البطاطا بما يضمن استمرارهم في العمل والإنتاج، فهل تسمعون الصراخ أيها المعنيون!؟

 

العدد 1104 - 24/4/2024