لتعزيز مقومات الصمود

جمال نفاع:

من البديهي عند مواجهة عدو متربص بخيرات دولة، ويسعى لعزل هذه الدولة شعبياً، كمقدمة لتدمير مقومات الصمود الحقيقي، الذي يظهر من خلال الوحدة الشعبية مع سياسة الدولة، الذي يعني تحمل تبعات هذه التحديات والأخطار، والسعي الحثيث لتدعيم الجبهة الداخلية، وتعزيز الانتماءين المواطني والوطني.

من اليسير إذا، وكرد طبيعي وضروري، أن تسعى دولة ما، في حال توفر الإرادة السياسية، لمعالجة الصعوبات والتحديات، التي تفرضها طبيعة المواجهة مع الدول المعادية، وفي حال الإمساك بمقومات الصمود، تستطيع الدولة المدعومة شعبياً من تجاوز التحديات والمخاطر هذه، ويطرح في العلاقات السياسية مفهوم الديمقراطية، كمنهج بالحكم السياسي، وأسلوب مدني عصري وحديث، لتمتين الجبهة الداخلية في مواجهة الخارج، ولتعزيز مقومات الصمود، ولإيجاد وبلورة قاعدة اجتماعية واسعة، تدعم موقف هذه الدولة، فالديمقراطية هي طريق عبور ضروري رغم مخاطره، فمن خلال الديمقراطية قد تضعف الدولة، وقد يؤدي لزعزعة الاستقرار الاجتماعي، وتصبح الخيانة وجهة نظر، والتبعية للأجنبي وتحقيق مشاريعه وجهة نظر أيضاً، متبوعة بتحليلات تشرع هذه العمالة.

لكن الديمقراطية من جهة أخرى، في حال صياغتها وفق إجماع وطني، هي ضرورة تفرضها طبيعة صراع دولة مع تحالفات إقليمية ودولية، فهي تعني الرقابة المدنية على عمل أجهزة الدولة، ومتابعة عمل مؤسسات الدولة، والمشاركة المدنية في صنع القرار، وإدارة الشأن العام، ومحاربة العدمية والرمادية السياسيين، وتعزيز قيم العمل الشريف، ومحاصرة القوى الطفيلية التي تعتاش من السمسرة والمضاربة، والمتاجرة بالقضايا المجتمعية والشعبية، ومن لحم أبناء الوطن، وأيضاً لتدخل منظمات المجتمع المدني الوطنية في بعض القرارات الحكومية، وإعادة صياغة لعلاقات المجتمع بعضه ببعض، وترسيخ الانتماء المواطني والوطني، بدلاً من الانتماءات ما قبل المدنية، وتهيئة بيئة داخلية داعمة لنهج نظام الحكم الديمقراطي، ولصناع القرار السيادي والسياسي، فالديمقراطية ليست فقط ضرورة لمواجهة الخارج، بل أيضاً هي نتاج لتفاعل العوامل الخارجية والداخلية، وللضغط الثقافي والإيديولوجي، ومن غير ممارسة الديمقراطية بأبعادها الدستورية والقانونية، وكمنهج للعلاقات الديمقراطية لمجتمع، لا يمكن إكمال عوامل ومقومات الصمود الحقيقي، بل سيؤدي غيابها إلى مزيد من الثغرات واستفحالها في المجتمع والدولة. والتجارب في العالم تبرهن أن الديمقراطية، كما هي ضرورية في مجال العلاقات الدولية، لمحاربة نزعات الهيمنة الإمبريالية الطفيلية، والاحتكار والنهب والاستبداد، هي تفرض راهنيتها، في ظل أوضاع سياسية رديئة، ومضطربة، وغير ديمقراطية، تقوض دعائم النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية.

العدد 1105 - 01/5/2024