المعاش لا يكفيني معيشتي

وعد حسون نصر:

المعاش لا يكفيني معيشتي.. لأن من المتعارف بالعامية على المعاش هو الراتب، وهو مرادف لكلمة معيشة حياة، فهل من المعقول أن يكون معاشي لا يكفني لشراء قوتي ودوائي؟ هل من المعقول أن أتقاضى راتباً أقل من ثمن وجبة طعام، أقل من ثمن ملابس تستر عورتي، أقل من وصفة الدواء التي بها أشفي علتي؟

تناقضات كثيرة تعيشها البلاد بين قرارات للتعليم عن بعد، وقطع التيار الكهربائي لساعات لا بل أحياناً لأيام، ترفع الحكومة سعر الوقود وتقنن علينا الكمية عبر بطاقة ذكية بحجّة الدعم وهو شبه موجود وشبه مدعوم، بينما نجده منتشراً في الأسواق السوداء وكأننا في حقل بترول، بينما في الدعم نحن تحت رحمة العقوبات الدولية. تقنن عدد أرغفة الخبز علينا، بينما بجوار الأفران أكوام من الخبز وبالسعر السياحي! ترفع أسعار الدواء بحجّة استمراريته في الأسواق، بينما نصفه مفقود والراتب لا يشتري وصفة! والآن أسعار المواد في الأسواق مرتفعة وخاصةً الغذائية منها والتي تعتبر سلعاً أساسية لا كماليات أو رفاهية، بينما الراتب الشهري لا يكفي ليومين في الشهر!

أما آن الأوان لإيجاد حلول لهذا التضخم، ألم يحن الوقت لدراسة جدوى اقتصادية تتناسب بين الإنتاج والمدخول وسعر الصرف والراتب الشهري وأسعار السلع؟ لماذا دائماً نحمّل المواطن هفواتنا، نفرض عليه ضريبة صموده، ليبقى من غير المعقول أن يتقاضى الموظف مئة وخمسين ألف ليرة شهرياً وسعر كيلو السكر سبعة آلاف وما فوق، وكذلك سعر كيلو البن أربعون ألفاً وما فوق! هل هذه معادلة صحيحة؟ إذا اشترى الموظف ربطة خبز واحدة فقط يومياً بالسعر المدعوم ثلاث مئة ليرة للربطة الواحدة، وعليه فهو يحتاج ثمن الخبز فقط دون غيره من السلع تسعة آلاف ليرة في الشهر، فماذا عن باقي المستلزمات الأساسية؟

متاعب الحياة وهموم العيش باتت أنيسنا وحديثنا الدائم أمام صمت حكومتنا عن وضعنا، حلول جهنمية بين الحين والأخر، شَحّت الوقود فيُرفع السعر بدل تأمينه، قلَّ الطحين فيجري إنقاص وزن الربطة! أو عدد الأرغفة! بدل التفكير بطريقة دعم وإيجاد الطحين وإيقاف بيعه بالسوق السوداء! وبدل ضبط الأسعار ومحاسبة الفاسد، يكون الحل برفع أسعار السلع أو إنقاص وزن السلعة على حساب المواطن! نحن بحاجة لرفع الراتب، ومراقبة الأسواق، ولجنة تدرس الأسعار بمنطقية تكون من كوكبنا لا من كوكب آخر، بحاجة على توفير الوقود والكهرباء عصب الحياة لكي تعمل المصانع وتعود المنافسة في الأسواق، هذه المنافسة هي الحل الإيجابي لتخفيض سعر السلع، نحن لا نحتاج على رفع سعر المازوت الصناعي على أصحاب المصانع والزراعي على الفلاح، فرفع سعر الوقود يعني رفع سعر السلع، فلماذا لا نوفر المادة بالسوق وندعم أصحاب الورش لكي ينتعش اقتصاد البلد، وبالتالي يعود هذا الانتعاش بالحيوية على الأسواق، وبدلاً من تجميد الراتب وتثبيته على رقم غير منطقي، يجب دعم الراتب بما يتناسب مع السوق، لكي يكون اسمه فعلاً  معاش، وفعلاً وقود.

كبرنا، لكن للأسف في بلاد المعاش الراتب لا يُعيننا على العيش ولا هو دفء لكبرنا.

العدد 1105 - 01/5/2024