لنجعل المرآة تعكس ذواتنا!

وعد حسون نصر:

الكثير منا ينصرف عن نفسه، عن طباعه، عن روحه، عن هفواته ويتجه للآخرين. ينسى ما لديه من أخطاء ويبدأ بتقييم غيره، ممّن لا يقترف خطأ، فهل نحن جميعاً أشخاص كاملون لا تشوب تصرفاتنا أي شائبة؟ هل نحن مُنزّلون لا نرتكب المعاصي لكي نوقف حياتنا ونحن ننتظر الآخر على تصرفاته لنقيّمها؟ فبدل أن ننشغل بمنازلنا وبعملنا وبتربية ذواتنا وأبنائنا، ننشغل بالتحدّث عن سلوك الآخرين: (انظر لملابس ابنة فلان ليس لديها أهل وإخوة شباب تراها وهي تخرج من المنزل بملابس شبه عارية! انظروا إلى زوجة فلان وصوتها العالي هل هو أصمّ لا يسمع صوتها، ولا يستطيع قمعها وكتم صوتها؟! انظروا إلى ابن فلان فاشل في الدراسة والعمل لماذا لا يضعونه في مهنة تدرّ عليه نقوداً، أفضل من ضياع الوقت على تأهيله وهو لا يستوعب!)، وغيرها الكثير من الأحاديث عن الآخرين ولومهم دائماً، التي نشغل أنفسنا بها، ما يجعلنا جميعاً ننصرف عن ذواتنا، ونبتعد عن أرواحنا وعمّا فيها من جمال لنُعزّزه أو قبح لنصلحه ونرمّمه. فلماذا ننصرف دائماً لمراقبة الآخر وننسى أنفسنا وما فيها؟ لماذا لا نرمّم ذواتنا بالحب، بتقبّل الآخر بكل ما فيه، بعيوبه بقبحه وجماله؟ لماذا نهدر الوقت دون أن نستغلّه ونُجيّره لنا؟ فبدل أن الثواني والدقائق بالتحدّث عن غيرنا، فلنصرفها ونحن نتحدّث مع ذواتنا ونقيّم أنفسنا ونُنجز ما تراكم علينا من أعمال، نُحسّن من وضعنا وواقعنا المتأزم باستمرار.

فلو انصرف كلٌّ منّا للاهتمام بنفسه قبل انشغاله بالآخرين لكُنا جميعاً نحيا في سلام داخلي، نُنقي أرواحنا لنرتقي للأفضل، والأفضل يأتي بتغذية ذواتنا بالحب قبل إشغالها بالنقد السلبي للآخر، فهذا بحدِّ ذاته تعب لأنفسنا وإشغالها بهموم فوق همومها، فلنحرر أرواحنا بالحب، ولنرَ ذواتنا قبل ذوات الجميع، ولتكن المرآة انعكاساً لحبنا لأنفسنا قبل كرهنا لغيرنا.

العدد 1105 - 01/5/2024