هل يلبي التعديل الحكومي حاجة الوطن والمواطن؟!

علي شوكت:

منذ عدة سنوات والمواطن السوري ينظر إلى التغيير الحكومي الشامل بعين المراقب المتفائل كحاجة مريض هدّه المرض إلى الدواء الشافي، يكون باستطاعته تجاوز الأزمات والمعوقات الاقتصادية وما أفرزته الحرب الكونية الظالمة والحصار الجائر التي طال أمدها، فيما تعطلت جميع المقترحات للحلول السياسية على المستوى الداخلي نتيجة التدخلات السياسية الإقليمية والدولية، التي انعكست سلباً على واقع اقتصادي منهار، مع اتساع حلقات الفساد وبزوغ طبقة متنفذه من أثرياء الحرب، ما أوصل معظم السوريين وخاصة الشريحة الأوسع من العمال والموظفين والعاملين بأجر سواء في القطاع الحكومي أو باقي القطاعات الخاصة والمشتركة وجميع الحرف وصغار الكسبة إلى شفير الهاوية من الفقر المدقع.

كما أسهم ذلك إسهاماً كبيراً في تغيير الواقع الاجتماعي والأخلاقي في سلوك المجتمع، بسبب تردي الوضع المعيشي، وما ترتب على ذلك من انتشار كبير لجرائم متعددة أخلاقية وسلوكية، وانهيار لمنظومة الأسرة بسبب الحرب والتهجير القسري الداخلي والخارجي وانتشار حالات الطلاق وإلى ما هنالك من مشاكل تعاظمت وبات من الصعب حلها ما دام الوضع الاقتصادي على ما هو عليه، بل هي مرشحة أيضاً للتضخم يوماً بعد يوم.

لا شكّ في أن الأوضاع الصعبة التي عانت منها سورية، دولةً ومؤسّسات، ومن خلالها المواطن السوري، مردّه الأساسي للحرب والمؤامرات الدولية التي سعت بكل الوسائل المتاحة لإظهار الدولة السورية كدولة فاشلة بالنسبة للعالم في جميع المجالات، وعلى جميع الجغرافيا السورية سياسياً وديبلوماسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً. فضربت المشافي والمدارس والجامعات والمعامل ومعظم البنى التحتية ونهبت وأحرقت المؤسسات الخدمية وقطعت طرق المواصلات وأغلقت السفارات في الداخل والخارج وسلطت على البلد المجاميع الإرهابية من أربعة أصقاع العالم، ودعمت بالمال والسلاح والمسلحين والإرهابيين. وقدروا بذلك أن يحدثوا شروخاً عميقة في قلب المجتمع تحتاج إلى جهود كبيرة لإعادة تأهيلها في السنوات القادمة.

لكن الشعب السوري بجميع فئاته ومكوناته أبى أن تنزلق الأمور إلى حدود انهيار الدولة بالكامل، فهبّ لمساندة دولته وجيشه بأعظم ما ملك من مال وعيال، وقدمها قرباناً في سبيل بقاء الوطن والشعب موحداً. وبقي صامداً رغم الظروف والمحن الصعبة ومقاوماً ورافضاً لجميع الاحتلالات التي تريد أن تفرض نفسها أمراً واقعاً، سواءٌ في ذلك الاحتلالان الأمريكي والتركي، وكذلك الصهيوني وغطرسته وعربدته المتجددة.

إذاً، لقد عانى السوريون ما عانوه بسبب الوضع السياسي وتوابعه، ثم جاءت كارثة الزلزال المدمر، فأضافت على مأساته مأساة مريرة وألماً عظيماً على دمار لم يره من قبل رغم مرور اثني عشر عاماً من حرب كونية أكلت الأخضر واليابس، وجعلت من ذلك المواطن يتسول غذاءه من موائد اللئام في المنظمات الدولية.

مؤخراً، جاء التعديل الحكومي بدل التغيير الشامل الذي أراده معظم السوريين على اختلاف مشاربهم السياسية والاجتماعية وطال انتظارهم له، فهل يحمل لهم أملاً كانوا يحلمون به منذ سنوات في تحقيق شيء ملموس على أرض الواقع من تغيير في الظروف المعيشية والاقتصادية ينقذهم من حالة انهيار كامل ومن عدم القدرة على المضي أكثر من ذلك، ويحسن ظروفهم من المأكل والملبس والدواء، ويوقف معاناتهم من الأسعار الكاوية مقابل الأجور البخسة التي يتقاضونها؟ وهل يلجم هذا التعديل كبار الفاسدين والمفسدين ويكفّ أيدي المتلاعبين والعابثين بقوت الشعب أم أنه يبقى فقط (تغيير أسماء)؟!

 

++++++++++++++++

  • مؤخراً، جاء التعديل الحكومي بدل التغيير الشامل الذي أراده معظم السوريين على اختلاف مشاربهم السياسية والاجتماعية وطال انتظارهم له، فهل يحمل لهم أملاً كانوا يحلمون به منذ سنوات؟
العدد 1105 - 01/5/2024