نستحق الأفضل.. فلنسعَ لتحقيقه!

ريم داوود:

يحظى الإنسان بمكانة هامة في دراسات علم الاجتماع وعلم النفس، على اعتبار أن الفرد هو النواة الرئيسية والمكوّن الأساسي في المجتمع.

وقد اهتم الباحثون بدراسة السلوك الانساني وكل ما يخصه من تاريخ، سياسة، وعلوم واقتصاد، أي عمل الباحثون على دراسة الحياة الاجتماعية للبشر سواء كانوا ضمن مجموعات أو جماعات.

والجدير بالذكر أن علم الاجتماع تفرّع إلى عدة أقسام، منها ما بحث في أمور العائلة، ومنها ما بحث في أمور الحياة والدين والسياسة، وصولاً إلى ما أُطلِقَ عليه علم اجتماع المعرفة الذي يهتم بالمنتجات الذهنية للمجتمع ويدرس مُحدّدات المعرفة من خلال الوجود الاجتماعي.

يقول أحدهم: (إننا لا نستطيع أن نضيف وقتاً إلى حياتنا، لكننا يمكن أن نضيف الحياة إلى وقتنا)، فماذا قصد بهذه العبارات؟ وهل وصل المطاف بنا إلى اعتبار سنوات حياتنا عداداً يعدّ الأيام؟ أم أنه يجب علينا أن ننظر إلى هذه المسألة بمنظار مختلف ومنهج مغاير؟

في كتاب علم الاجتماع لإسماعيل زيود، يتحدث عن التفاعل الاجتماعي وأهميته في حياة الفرد والمجتمع من حيث (إشباع الحاجات وتحقيق الأهداف، تقييم الذات والآخر، تحقيق الذات والتخفيف من وطأة الشعور بالضيق، المساعدة في التنشئة الاجتماعية وغرس القيم والخصائص المشتركة، تعلّم السلوك حسب العادات السائدة).

ويؤكّد الكاتب أنه إذا ما فقدنا هذا التفاعل فقدنا طعم الحياة.

  • حياتنا اليومية: في كل يوم ومع كل صباح تدفعنا ساعتنا البيولوجية للاستيقاظ معلنة بدء الروتين اليومي لاستقبال أحداث جديدة ومواقف متنوعة، والسؤال: كيف يعرف الناس ما يعرفونه في حياتهم؟ كيف يدركون الأشياء؟ وكيف يبنون سلوكهم اليومي؟

ببساطة شديدة من خلال الفعل الاجتماعي أو التفاعل الاجتماعي، وإذا تأملنا بعض محتويات هذا التفاعل سنجد آلاف الناس داخل سوق شعبي يسيرون متجاهلين بعضهم البعض، وهذا ما يسميه (أرفنغ غوفان) بالإغفال المهذب، وهو امتناع الناس عن اقتحام حياة الآخرين. لقد حاول علم الاجتماع البحث في إعادة تشكيل الواقع من خلال ما يبتدعه البشر ويبتكرونه من أفعال خلّاقة تسهم في إعادة تشكيل واقعهم ممّا يفرض أنماط سلوك اجتماعية جديدة، كما درس أشكال هذا التفاعل الذي يعكس الجانب الاكبر من نشاط الحياة اليومية، كيف نرتّب اليوم، الأسبوع، السنة، كيف ننهض صباحاً نغادر منازلنا ونعود إليها؟ ماذا نفعل عند العودة؟ مواعيد الطعام والواجبات والالتزامات.

كلها أمور تدخل ضمن التفاعل الاجتماعي الذي يخلق لعالمنا الحياة، فما هي السبل التي تجعل هذا العالم مليئاً بالحياة؟ وماذا يجب أن نفعل لنضفي عليه الألوان؟

  • عادات تجعل نهارنا أفضل:

الموسيقا: تُعدُّ الموسيقا واحدة من أفضل مُعَدِّلات المزاج، فمن خلالها يضبط الانسان إيقاعه الذاتي، ففي تجربة بريطانية أثناء الحرب العالمية الثانية قامت الدولة بتخصيص موسيقا خاصة للعمال وسمّتها (موسيقا أثناء العمل)، وقد بيّنت الدراسات أن نوع الموسيقا وإيقاعها المطروح أدى إلى زيادة الإنتاج، كما ساعد على التخفيف من التوتر والإجهاد، لذلك لا بأس بقليل من الموسيقا مع مراعاة اختيار الإيقاع المناسب.

تغيير روتين الحياة أو تجديده: من الضروري بين الحين والآخر القيام ببعض التعديلات البسيطة داخل المنزل، المكتب، السيارة أو حتى اتخاذ تسريحات شعر مغايرة للمألوف، فهذه السلوكيات وعلى الرغم من بساطتها تُضفي رونقاً جديداً على الحياة وتبعث الراحة والسرور والتجديد.

اللعب: لطالما أيقنّا وأدركنا أهمية اللعب للأطفال، ونظراً لهذه الأهمية جرى إشراك اللعب بالتعليم، لكن ماذا عن اللعب عند الكبار؟

يُعدُّ اللعب أحد العوامل الأساسية في خلق حياة متميّزة يعمّها الفرح والسعادة، فهو ينشر الشعور بالأمان والراحة، الثقة، الطمأنينة، كما أنه يبعث في نفوسنا التجدّد والإشراق.

الحياة نعمة الخالق لنا وهبة من هباته التي متّعنا بها، قد تعصف الحياة بنا وتعرقل تقدمنا، لكن علينا ألاّ نجعل الماضي يُعيقنا عن جمالها، فالأمس ماضٍ، واليوم لنا، والغد آتٍ، ومع كل يوم نحيك قصة جديدة نكتب حروفها بتجاعيد أجسادنا معلنين استمرارنا ومتابعة المسير.

 

المراجع:

*زيود، إسماعيل، علم الاجتماع، عمان: دار المعرفة للنشر والتوزيع. ٢٠١٠: ص٩٠.

*طربية، مأمون، علم الاجتماع في الحياة اليومية، لبنان-بيروت، دار المعرفة، ط١. ٢٠١١: ص٢٢.

العدد 1105 - 01/5/2024