نُجمّل الوقت لنحيا

وعد حسون نصر:

تمضي أيامنا خلال هذه الفترة مثقله بالهموم، نسير بوجوه شاحبة، نحتال على الوقت لنحيا، نُضيف إليه بعض السرور بعض الأمل لنجتازه بسلام، قد لا نطيل عمر الوقت لأنه محدود ببداية ونهاية، لكن نستطيع أن نخلق فيه الروح لكي لا نشعر بثقله وهو يمرُّ ببطء، أو لا نشعر بضياعه وهو يهرع مسرعاً، بالتالي حياتنا جميعاً تتوقف على مدى استغلالنا للوقت، ومدى ترتيبنا لساعاته، وهكذا نحن كسوريين بات اللعب على الوقت شعارنا، فمن اعتاد أن يوظّب أعماله خلال ساعة أو أقل من ساعة تأتي فيها الكهرباء سواء كان صاحب حرفة أو ربّة منزل أو عاملاً، فهذا شخص استطاع أن يتحكّم في وقته، ويضيف إليه الروح، وإن كانت من روحه ونبضه، ومن اجتاز كل تعب النهار وجلس في منزله مساءً مع أسرته يجمعهم كأس من الشاي أو المشروب الشعبي المتة والنرجيلة حول شاشة موبايل يستمتعون بمشاهدة مسلسل أو فيلم وإن كان على ضوء لدٍّ خفيف أو بقايا شمعة، هنا يكون هذا الإنسان قد حقق إنجازاً في مرور الوقت القاتل بسلام وابتسامة رغم ثقل ساعات العتمة، حتى طابور الدور رغم قسوة الوقوف وضياع ساعات وساعات لنيل لقمة الخبز أو كيس الأرز أو السكر أو عبوة الزيت أو جرة الغاز أو حتى بضعة لترات من المازوت قد نجعله يمضى في الأحاديث أحياناً، والضحكات الساخرة أحياناً كثيرة، وإن كانت على شقائنا ومعاناتنا، لكننا نُجمّلها بروح الدعابة كي لا نموت أسيري وقتٍ ضاع على طابور القهر. حتى الجري وراء وسيلة النقل بتنا نحوّله لدعابة رغم غصّة هذه الدعابة في نفوسنا ونحن ندفع بعضنا البعض لنحظى ولو بالقرفصاء على أرض الحافلة، وبعدها نرنو لبعضنا البعض ونضحك ونردّد كلمات طريفة لنقنع أنفسنا أننا نوعاً ما سعداء.

أكبر تجميل لحقد على بؤس فُرِضَ علينا، نعم، هكذا نضيف حياة إلى الوقت حتى لا نموت ونحن نصارع الوقت، ولكيلا نجعله يتغلّب علينا فيسرق منّا الحياة التي سَرقت هي منّا الوقت.

العدد 1105 - 01/5/2024