وجهة نظر

إيناس ونوس:

ثمَّة الكثير من العلاقات في حياة الإنسان يعيشها بملء إرادته وبكامل رغبته، كما أنَّ العديد من العلاقات في حياته مفروضةٌ عليه برابطٍ أو بآخر، وكلُّ علاقةٍ من هذه أو تلك تحتاج إلى جهودٍ من كلا الطَّرفين كي تستمر وتعيش، وإلا فإنَّ النِّهاية حتميةٌ لا محالة.

(كلُّ من قطعتُ علاقتي بهم كانوا هم من ناولوني المقصَّ).

كلٌّ منَّا يظنُّ أنَّه مُحقٌّ وعلى صواب، وعلى هذا فإن أية علاقةٍ لا يُكتب لها الاستمرارية، سيرويها كلُّ طرفٍ من وجهة نظره ومن جانبه، وفي غالب الأحيان لا يرى ما يراه الآخر.

*فحين أترك عملاً، فإنَّ عدم تقدير صاحب العمل لجهودي، أو أنَّ الأجر لا يتوازى مع ما أقدِّمه من كفاءةٍ، هو ما أجبرني على النِّهاية.

*حين يصل أحد الزوجين إلى قرار الانفصال يكون الشَّريك هو من أوصله لهذه النِّهاية.

*حين يبتعد شخصٌ ما عن أقاربه المفروضين عليه برابطة الدَّم، يكونون هم من أوصلوه إلى هذه النَّتيجة.

وحين، وحين… إلخ.

نعم، كلُّ ما سبق ذكره صحيحٌ تماماً، لكن من قال إنَّنا نمتلك الصَّواب دائماً، وإنَّنا نحن على حقٍّ في كلِّ مرَّةِ؟؟

ألا يمكن أن يكون العيب أو المشكلة فينا نحن؟

إذا استمعنا لرأي الطَّرف الآخر لوجدنا أننا مخطئون بدرجةٍ كبيرة، وربَّما نتحمَّل النِّسبة الكبرى من الخطأ، غير أن كلَّاً منَّا يعتبر نفسه مُحقّاً ولا يقبل بوجهة النظر المختلفة، أو التي يمكن أن توجِّه له أصابع الاتهام، بل ويرى في نفسه المظلوم الذي قدَّم وتنازل ووهب وأعطى، إنَّما لم يلقَ الوفاء أو الأمان أو المقابل، ومن هنا باعتقادي يجب علينا محاسبة أنفسنا بالتَّوازي التَّام مع محاسبة الآخر، وأن نحاول امتلاك المنطق في الحُكم، وكي نتمكَّن من الوصول إلى هذه النُّقطة يجب علينا أن نخرج قليلاً من دائرة العلاقة ذاتها، وأن ننظر إليها من الخارج كما لو أنَّها لا تعنينا بشكلٍ مباشر.

غير أنَّ ما أطلبه أمرٌ يصعب تحقيقه في معظم العلاقات، سواء على المستوى النَّفسي أو الشَّخصي أو… إلخ، لما لعوامل كثيرةٍ من أهميةٍ في هذه الحال.

مجرَّد وجهة نظرٍ في هذه المقولة تحتمل الصَّواب وتحتمل الخطأ، كما هي الحياة تحتمل الرُّؤى العديدة ووجهات النَّظر المختلفة.

العدد 1104 - 24/4/2024