متصنع الود لا يستمرّ

وعد حسون نصر:

كثيرةٌ هي علاقاتنا التي تبدأ بمودّة، تبدأ بألفة شديدة، فما إن نتعرّف على شخص ما حتى نجعله من أصحاب منزلنا والباب مفتوح له في كل وقت، وهو صاحب القول والفصل، وما تلبث حقيقته رويداً رويداً أن تنكشف مع أول موقف. هنا نقول ما هو الحدث الجلل الذي جعله يتجاهل خبزنا وملحنا؟ ماذا فعلنا له حتى رمى في بئرنا حجراً بعد أن روينا عطشه منه؟

كثيرة هي المواقف التي تمرُّ في حياتنا من أشخاص كنا نراهم سندنا في الحياة إلى درجة أننا نلوم أنفسنا أننا السبب في صدور سلوك خاطئ منهم، فربما نحن من أخطأ وكانت ردّة فعلهم هكذا، لكن مع الوقت نرى أننا نحن من أحسن، لكن أولئك الذين حسبناهم أصدقاء طبعهم غلب تطبّعهم وظهرت ردود أفعالهم على حقيقتها، فنكتشف أن كل الود الذي أظهروه كان مصطنعاً فلم يدم طويلاً، وهذا السلوك في العلاقات غالباً ما يكون في علاقتنا مع أشخاص جدد ظهروا فجأة من جيران أو رفاق في النادي أو حتى أشخاص صادفناهم في جلسة وتبادلنا معهم الأحاديث وأرقام الهواتف، فتطورت العلاقة فجأة وانتهت فجأة، ولا أجزم بأنها مقياس، فكثيراً ما تنتهي صداقة دامت سنوات لمجرّد موقف صغير قد يكون تافهاً جداً لكن أتى ليظهر لنا سوء الخيار، وهنا يكون المقص قد أتانا من هؤلاء الأشخاص لنقطع حبل الودّ المهترئ أساساً وكان ينتظر فرصة لينقطع،  لذلك كلما أصبحنا أكثر نضجاً باتت العلاقات لدينا محدودة، وقد ننهي حياتنا بصديق واحد بالرغم من أننا قد بدأناها بعدد كبير من الأصدقاء، فالنضج والخبرة تجعلنا نخرج من الدنيا بشريك واحد جمعتنا صفات كثيرة وجعلتنا عاماً بعد عام نتوحّد لدرجة بتنا نشدُّ حبل الود حتى التصقنا فأغلقنا المقصّ وأخفيناه.

العدد 1107 - 22/5/2024