أنتِ الحياة.. القوة.. والتغيير

ريم داوود:

على مدار سنوات وأجيال لعبت المرأة درواً محورياً في نهضة المجتمعات وتقدّمها، مُثبتةً قدرتها على التغيير والإصلاح والتطور.

وعلى مدار عصور قديمة وحديثة أثبتت النساء حضورها اللافت في مختلف جوانب الحياة رغم محاولة الكثيرين ممّن ينتمون للعنصرية الذكورية إقصاءها وزجّها في بوتقة اللاوجود واللاأهمية، جاعلين منها أداة جنسية تروي غرائزهم وحاجاتهم البيولوجية، ناسفين قدرتها على التخطيط والإبداع غير مدركين أهمية مركزها باعتبارها نصف المجتمع فعلياً وليس نظرياً.

وممّا لاشكَّ فيه ولا مراوغة عليه هو أن أي تغيير تسعى له المجتمعات مرهونٌ بشكل رئيسي بواقع المرأة ومدى قدرتها وتمكنها من القيام بمهامها وواجباتها ضمن هذا المجتمع، إلاّ أننا لانزال نواجه صعوبات كثيرة تتجلّى في كون المرأة ساحة للعنف يُفرّغ من خلالها الرجل كل مشاعره السلبية، ويصبُّ فيها كلّ غضبه.

لقد أفرزت الحرب التي عاشها مجتمعنا السوري شوائب كثيرة طفت بوضوح لم يكن مشاهداً من قبل، ممّا زاد أعباء المرأة السورية أضعافاً مضاعفة، فمع كمّ الخسائر البشرية والمادية الكبير، هجرة العقول وخيرة الشباب لم يبقَ في الميدان، في آلاف البيوت، سوى السيدات، تتحمّل كلٌّ منهنّ أعباء الحياة وتقود المركب بمن تبقى مُتكبّدة العبء الأكبر من الالتزامات والمسؤوليات في مجتمع لايزال غارقاً في قعر العادات البالية والأعراف الهشّة التي تُعزّز ممارسة العنف تجاهها.

ونظراً لتعاظم أهمية المرأة ودورها في الحياتين العامة والخاصة ظهر ما يُسمّى بـ(علم اجتماع المرأة) كاختصاص متفرّد بدراسة الفعل ورد الفعل بين المرأة والمجتمع، بهدف معالجة المشكلات والدفاع عن حقوقها والوصول بها نحو مساواة واضحة بين الجنسين. ولأن شهر تشرين الثاني مُخصّص لمناهضة كل أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، كان لابدّ لنا من لفتة بسيطة توضح واقع المعاناة التي تتكبّدها الإناث فقط لأنهن خلقن إناثاً.

  • العنف ضد المرأة:

يُعرّف العنف بأنه ظاهرة اجتماعية واكبت المجتمعات البشرية منذ بدء الخليقة حتى الآن، وقد تباينت الآراء حول هذه الظاهرة، فعدّها البعض ضرورية وأساسية لأنها تُعبّر عن القوة والسلطة والنفوذ، في حين وجد البعض الآخر فيها مشكلة خطيرة ينبغي معالجتها.

تُعرّف الدكتورة (ليلى عبد الوهاب) العنف تجاه المرأة بأنه سلوك أو فعل موجّه للمرأة خاصة، سواء كانت زوجة، أمّاً، أختاً، أو ابنة، ويتسم بدرجات متفاوتة من الاضطهاد والعدوانية ناجم عن علاقة قوة غير متكافئة بين الرجل والمرأة، بهدف الإبقاء على السلطة الذكورية.

أنواع العنف:

يطول العنف الموجّه تجاه المرأة نواحي حياتها كافة، فهو يعيق قدرتها على التواصل والمشاركة، كما يقف في وجه تطوّرها، فضلاً عن المعاناة والألم الجسدي والنفسي الذي تتكبّده تلك السيدة، فحسب إحصاءات قامت بها منظمة الصحة العالمية (٢٠١٣) أبلغت أكثر من امرأة واحدة من بين ثلاثة (٣٥،٦%) حول العالم عن تعرضهن لعنف جسدي أو جنسي من الشريك وغير الشريك. وتشمل أشكال العنف الممارسة ضدّ المرأة:

-جرائم الشرف.

-تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.

-العنف الأسري وما يندرج ضمنه من عنف جسدي، نفسي اجتماعي، جنسي.

-الإكراه على الإجهاض.

-التحرّش الجنسي.

-الاغتصاب الزوجي والاغتصاب الجماعي.

-تشغيل الفتيات.

-العنف النفسي واللفظي كالتهديد، التنمّر، الاستهزاء، السب والشتم.

  • التوصيات والمقترحات:

ممّا لاشكَّ فيه أننا أُتخِمنا مبادرات وندوات وغيرها من الشعارات التي تناهض العنف ضدّ المرأة، لكن الأهم من ذلك كله مبادرة الأفراد بالعمل فعلياً للقضاء على هذه الظاهرة والحدِّ من انتشارها، ولتنفيذ ذلك لابدّ من وضع قوانين صارمة تطول أي شخص مارس أو شارك أو خطّط لذلك العنف، فنحن مُلزمون كأفراد وجماعات، كمواطنين وحكومات، باحترام المرأة وحمايتها وإنقاذها من كل أنواع العنف هذه للوصول بها إلى حياة خالية حقيقةً من العنف.

العدد 1105 - 01/5/2024