هل يصعب على حكومتنا تأمين (مطمورة) ؟

ريم سويقات:

بعد أن فقد معظم السوريين رفاهية الادخار خلال السنوات الإحدى عشرة المُرّة، ونفدت كل القروش البيضاء التي كانت مخبأة لليوم الأسود، الذي عاشه ويعيشه المواطن السوري حتى اليوم، ووصل الضيق إلى حدٍّ جعل البعض يبيع من ممتلكاته حتى يستطيع تأمين الغذاء والدواء فقط، في ظلّ دخول معظم السوريين خانة الفقر، وخاصّة بعد تراجع مداخيلهم بما لا يتناسب مع أسعار السلع والمنتجات، نتساءل: ماذا يمكن أن يفعل المواطن السوري اليوم حتى يدخر؟

إن ثقافة الادخار توجد في كل المجتمعات بأساليب وطرق متنوعة، إذ يتعلم فيها الفرد منذ الصغر توفير المال في الحصّالة أو في صندوق صغير، ثم ينتقل إلى إيداع أمواله في مصرف التوفير أو في غيره من المصارف، وذلك في سبيل صرفها عند حاجتها، وهذا يجسد المثل الشعبي: (خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود!). ولا يقتصر الأمر على أنه ثقافة شعبية، إذ بلغ من الأهمية لدرجة أنه شرعت قوانين تشجع على الادخار منذ عقود، كما توجد صناديق للادخار في بعض الدول المتقدمة، حرصاً منها على إنقاذ مواطنيها، دون أن يتكلفوا أيّ خسائر وهي تتمثل بالمديونية.

عزيزي القارئ، ربما لم يسمع الأجنبي بمثلنا الشعبي ذاك، لكنه حريص على تنفيذ حكمته. ما أكثر الصناديق التي تحفظ الأموال، إنها متعددة الأغراض ولا سيما الصناديق الدولية، لنأخذ على سبيل المثال مقارنة بين صندوق النقد الدولي وصندوق الادخار، انظر إلى الآثار المترتبة على الدول التي لم تتخذ الاحتياطات اللازمة بتوفير أموال تسهم في إنقاذها عند الأزمات، فتلجأ إلى صندوق النقد الدولي للاستدانة مع دفع رسوم إضافية في حال التأخر عن سداد الدين، هذا عدا التحكم بنشاطها الاقتصادي حتى تسدد آخر قرش عليها،  مقارنة بدول أخرى تعتمد على صناديق الادخار تنقذ نفسها بنفسها دون تحمّل عقوبات وعواقب اقتصادية.

أيها السادة، ربما سيبقى الادخار رفاهاً في ظلّ واقع أصبح فيه المواطن لا يجد ما يلبي احتياجاته الأساسية، ولكن أتساءل: كيف لا يبقى ذلك خيالاً عن بلادنا وأعداء حلّ الأزمة الاقتصادية كثر، فدواعش الداخل وتجار الحروب وشبكات الفساد تشدّ الخناق على رقاب السوريين، وكيف لا يبقى ذلك خيالاً والحلول الترقيعية ما زالت الخيار الأوحد أمام من يمتلكون القدرة على الحل.

إذا كان من المستحيل إنشاء صناديق ادخار، فإن دعم المواطن لإنشاء (مطمورة) ليس بالأمر الصعب، يدخر فيها ما يحتاجه في هذه الأيام السوداء.

دام عزّكم، ما رأيكم؟

العدد 1107 - 22/5/2024