مشهد انتظار الحافلة.. (السرفيس السوري)

ريم سويقات:

ما إن يعتاد السوري المشهد حافظاً النص والحركات التي سيؤديها في موقع التصوير والذي يُحدّد هنا في الكراجات مكان انتظار الحافلات، حتى يطرأ تغيير من قبل المُخرج، الذي يمثل هنا (الحكومة)، صارخاً بقوله: (أوقِفوا التصوير! ولنجعل المشهد أكثر ازدحاماً، فالواقع يكون باهتاً وعادياً إذا كان كل شيء على ما يرام!).

يتأفف (الكومبارس) في الكواليس، وهم في هذا المشهد من عامة الشعب، وتدور بينهم الأحاديث التالية: لم نصدّق أننا حفظنا أن الحافلات بدأت تتوفر، والناس تصل إلى منازلها وأماكن عملها في الوقت المحدد، لقد تدرّبنا على ذلك لشهور، ماذا يدور في رأس ذلك المخرج يا ترى، من أين خرج بفكرة أنه لا يوجد ما يكفي من مادة المازوت المخصصة لوسائل النقل العامة حتى يتسبب في جمهرة الناس ويحشدها تحت الشمس لساعات طوال؟

يقول آخر: كم عدد الحلقات التي يرغب المخرج في الوصول إليها من هذا التغيير، فلكل شخص يقف في هذا الكادر قصة، أم أن هذا المشهد سيكون صغيراً سريعاَ أمام مشهد طويل بطيء، أثناء مرور سيارة أحد المسؤولين حيث تبدأ الصورة للمشاهد من طراز السيارة ونوعها ولمعانها، إلى النظارات السوداء لمالكها، والدخان المتطاير من سيكاره.

ويردف آخر من (الكومبارس) في نقاش جانبي: إن مسلسلات المخرجين وبرامجهم في هذه الأيام لم تعد تحظى باهتمام العامة، لأنها ابتعدت عن نقل الواقع بشكل حقيقي، واهتمت بالظواهر فقط، فأصبحنا لا نرى سوى اجتماع هنا واجتماع هناك، يكتظ بالبدلات الرسمية والطاولات البيضاء الطويلة، التي ما يلبث أن ينساها المشاهد بسرعة حالما يصطدم مع السمّان والبقال والتاجر وغيره، بسبب غليان الأسعار المرتفعة التي أنهكت قلب المواطن وجيبه.

يعود المخرج من استراحة الغداء بعد انتظار الكومبارس له طويلاً ويقول: ريما سيطرأ تغيير على مشهد انتظار الحافلة في الأيام القادمة، ولا تُجبرون على الوقوف طويلاً ربما ستعود الحافلات للسير مجدداً في المشاهد القادمة، يطرق الكومبارس رؤوسهم بالموافقة باستسلام تام!

دام عزّكم، ما رأيكم؟!

العدد 1104 - 24/4/2024