الرأي والرأي الآخر

ريم داوود:

نولد مصارعين الحياة مع أول صرخة وأول صوت بكاء، محاولين بالفطرة لفت انتباه الأنظار وإثبات الوجود، توّاقين لممارسة الحرية الخالصة وتحقيق كلّ ما نتمناه دون أي قيود أو حواجز تفرض علينا، منادين بحرية التعبير والرأي والمعتقد.

تتشابك آراء الناس وتتضارب فيما بينها، يلتقي بعضها ويتنافر بعضها الآخر، ويبقى فيصل الحوار هو التعبير عن الذات الإنسانية.

لكن السؤال الأهم هو: هل نحن قادرون على إظهار ذواتنا وترجمتها؟ أم أننا نسخٌ عن بعضنا نردّد بعفوية وتلقائية ما يتبناه الآخرون دون تمحيص أو تفكير؟

  • مفهوم الذات:

يعتبر الإنسان كتلة من الأنظمة الاجتماعية، النفسية والعصبية التي يرتبط بعضها ببعض، بهدف أداء واجب ما أو مهمة ما تقود بالضرورة للتعبير عن سلوك الفرد. ولأن الذات مفهوم مُعقّد نسبياً فهو يعتمد على جزأين أحدهما يخصُّ الفرد نفسه، والآخر يتعلّق بالمجتمع أو ما يعرفه الأفراد عن الشخص نفسه.

وعليه فإن الذات هي شخصية الفرد وسلوكه الذي من شأنه الكشف عن حقيقة هذا الفرد التي تُعبّر عن هويته ووجوده، لذلك لابدّ أن نذكر بعض التعريفات التي تناولت هذا المفهوم بهدف توضيحه بالشكل الأفضل كما أتى لدى بعض الباحثين.

يرى (هولتر) أن الذات هي الطرق التي يستخدمها الفرد للتعريف عن نفسه من خلالها أمام الأفراد والمجتمع.

أما (لابين وجرين) فقد وجدا أن الذات هي تقييم الشخص لنفسه بشكل عام.

واستناداً إلى هذه التعريفات والمفهوم العام لهذا المصطلح وجب علينا ذكر بعض السبل والطرق التي من شأنها أن تساعد الإنسان في فهم ذاته.

  • وسائل وسبل لفهم الذات:

-التعرّف على القدرات: (معرفة نقاط الضعف والقوة) وهنا يجب على الانسان معرفة قدراته مدركاً نقاط قوّته معترفاً بنقاط ضعفه، ما يدفعه ويسمح له بالعمل على تعزيز القوية ورفع كفاءة الضعيفة منها دون أن يتحمّل أعباء إضافية ترهق كاهله.

-استثمار القدرات: فمن خلال التعرّف على القدرات والإمكانات ومعرفة نقاط الضعف والقوة يجب على الفرد أن يوظّف هذه القدرات بطريقة تلبي احتياجاته بالشكل الأفضل والأمثل، بما معناه (قليل من الجهد كثير من الإنتاج).

-معرفة ميزاتنا ومهاراتنا: وهنا نعني أن لكل شخص ميزات تختلف عن الشخص الآخر، فإن كانت الفروق الفردية تلعب دوراً كبيراً بين التوائم ذاتهم فكيف سيكون الحال بين أفراد المجتمع؟ لذلك علينا كأشخاص مُفكّرين البحث عن هذه الميزات والمواهب للعمل على تعزيزها ورفع سويتها.

ختام ما طُرح أعلاه، فإن الكثير من الأشخاص يقعون في فخ عدم فهم ذواتهم، ما يدفعهم إلى جهل وعدم معرفة طرق النجاح في حياتهم، ظانّين أن تبنّي أفكار الآخرين أو آراءهم تقود نحو المبتغى.

لهذا يجب على كل انسان فهم نفسه أولاً قبل تحديد أهدافه ومعرفة ذاته حقّ المعرفة، ليتمكّن بعد ذلك من تحقيق هدفه الصحيح بعيداً عن الدخول في دوامة المعتقدات والأفكار التي يتبنّاها الآخرون.

العدد 1105 - 01/5/2024