ذلّ الحصول على ٥٠ ليتراً من المازوت

ريم سويقات:

كيف تجعلك الحكومة تتخلّى عن ٥٠ ليتراً من مادة المازوت بإرادتك؟

ربما هذا هو السؤال الذي يتبادر إلى ذهن المواطن السوري اليوم في العاصمة دمشق، بعد المشقّات التي واجهها المواطنون السوريون في صعوبة الحصول على الكمية المخصصة لهم من هذه المادة، وهي لا تكفي سوى شهر واحد فقط، إذ عرف المواطن كيف يقنّن في عدد نقاط المازوت، يومياً، بأن يبطئ من انهمارها، أو يكتفي بإشعال المدفأة ساعةً واحدة في الصباح الباكر، وساعةً واحدة قبل النوم فقط. تلك المشقّات جعلت البعض يستغني عن الكمية المخصصة له.

فما إن بدأ توزيع الدفعة الأولى من مادة المازوت في بداية الشهر الجاري، حتى استقبل المواطنون السوريون عذاباً جديداً، تمثّل في صعوبة وصول الخمسين ليتر من المادة إلى المنزل، إذ كانت آلية التوزيع هذا العام تعتمد على وجود مراكز توزيع في عدة مناطق، رأت الحكومة فيها بعد دراسة وتمحيص، أنها مناسبة في قربها من منازل السوريين، في حين رأى عدد كبير من المواطنين الصامدين غير ذلك، بعد أن طبقوا خطة حكومتهم على أرض الواقع وتحت الشمس، إذ اضطر البعض بعد استلامهم رسالة من شركة المحروقات تتضمن أن يستلموا كميتهم المخصصة من مادة المازوت، أن يسيروا عدة كيلومترات وهم يحملون الغالونات، دون أن يتمكنوا من الركوب في (الميكرو) نظراً لعدم السماح لهذا النوع من الحافلات أن يحمل مادة المازوت، إضافة إلى رفض بعض سيارات الأجرة وضع الغالونات داخلها، خوفاً من تلويثها، وفي حال قبل البعض الآخر، فبعض المواطنين غير قادرين على تحمّل التكلفة. هذه المعاناة جعلت البعض يتخلى عن كميته المخصصة، بعد رؤيته عذاب من حوله، في صعوبة توصيلها إلى المنزل.

ألم يخطر في بال الحكومة وجود طرق فعالة، أكثر سهولة للمواطن في وصول تلك المادة إلى منزله، أم أنها بحثت عن الطريقة الأكثر توفيراً لها، والأكثر تكلفة ومشقة للمواطن؟ ألم يكن في الإمكان توفير سيارات مازوت خاصة تدور في الأحياء، وينتظر ساكنوها وصولها أمام مبنى منازلهم، بعد وصول رسائل لهم تخبرهم بالموعد المحدد للوصول، لكيلا ينتظر المواطن أو حتى السائق، ويتم ذلك ببساطة؟

أيها السادة، هل من المعقول أن تكون تلك (سياسة تطفيش جديدة) كما خطر في أذهان البعض، حتى يضطر المواطن أن يختار مرغماً وبإرادته الحرة، التخلي عن تلك المادة الاستهلاكية التي تستهلك جيبه وقوته وربما تصيبه بضربة شمس عند ذهابه لاستلامها؟!

هل لكم أن تتخيلوا حجم الذل والعار، الذي يشعر به ذلك المواطن الذي يمشي مسافات طويلة من أجل كمية قليلة لا تستحق ذلك العناء؟!

دام عزّكم، ما رأيكم؟!

العدد 1107 - 22/5/2024