مدارس وتدريس!

محمود هلال:

مضى أكثر من شهر على بدء العام الدراسي ومازال هناك بعض العثرات التي تعيق العملية الدراسية، من نقص في المدرسين، وفي الكتب، وفي بعض التجهيزات الأخرى للمدارس وخاصة في الأرياف. وهذا ما يتكرر في بداية كل عام دراسي، ومن الملاحظ زيادة هذه الظاهرة هذا العام مع ارتفاع الأسعار والغلاء المعيشي، فكثير من المدرسين يمتنعون عن السفر إلى مدن وقرى غير مدنهم للقيام بواجباتهم بسبب ارتفاع أجور النقل وتدني رواتبهم، وكذلك أصحاب الشهادات الجامعية ومدرسو المواد الاختصاصية كاللغات الأجنبية وغيرها وذلك بسبب تدني أجور الساعات الدرسية، وقد يمتد هذا الأمر في بعض المدارس إلى نهاية العام ويمضي العام الدراسي وتبقى بعض المواد دون مدرسين.

عادةً ينفر التلاميذ من المدرسة في بداية العام ويلاقون صعوبات كثيرة، لكن المطلوب من الكادر التدريسي تذليل هذه الصعوبات وتخفيفها، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى الطريقة والأسلوب الذي يجري عادةً استقبال الطلاب به، وخاصةً لتلاميذ الصفوف الأولى، لذا يجب انتقاء معلمين أكفياء وذوي خبرة واستقبال التلاميذ بوجه بشوش وبعدم فرض واجبات بيتية ترهق التلميذ وتنفره، والمطلوب أيضاً الإكثار من الدروس الترفيهية التي تشوق الطالب للمدرسة مع ضرورة الإقلال من عدد الكتب والدفاتر وغيرها من أدوات يحملها الطالب في محفظته كل يوم، الأمر الذي يرهقه، فكثير من الدول استعاضت بالحاسوب لتلاميذ الصف الأول لكيلا يحمل (تقالة) على ظهره كل يوم.

وقد سبق بدء العام الدراسي لدينا حملة استنفار من الأهل لتأمين المستلزمات المدرسية للأبناء، من لباس وكتب وقرطاسية وغيرها، الأمر الذي بات عبئاً كبيراً مع الارتفاع الجنوني للأسعار، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، إذ قدرت كلفة تجهيز طالب المدرسة بنحو 100 ألف ليرة، فما بالك بالأسرة التي فيها طالبان أو ثلاثة طلاب؟! وماذا لو كان هناك أيضاً عنده طلاب في الجامعات فكيف سيتدبر رب الأسرة أمره؟ ومن أين له أن يؤمّن كل هذه التكاليف إذا كان راتبه لا يتجاوز 150 ألفاً.

أما فيما يخص العملية التعليمية والتربوية، فيجب الارتقاء بها وتطوير المناهج المدرسية باستمرار، وذلك بتقديم المنهاج الذي يوسع مدارك التلميذ ويخاطب عقله بحيث يصبح قادراً على الابتكار والإبداع والعطاء، ويخلصه من أسلوب التلقين وحفظ البصم وحشو المعلومات في رأسه من أجل أن يمتحن بها في نهاية العام، وتتوقف العملية التعليمية عند هذا الحد، وكفى التلاميذ شر الدراسة!

في الختام نشدد على دور الأهل في هذه العملية التربوية، بألا يقتصر على شراء المستلزمات المدرسية عشية بدء العام الدراسي فقط، بل المطلوب منهم المتابعة الحثيثة لأبنائهم في المنزل والمدرسة، والسؤال دوماً عن أوضاعهم الدراسية وسلوكهم، وبذلك تتكامل العملية التعليمية والتربوية، في بناء الجيل الجديد الجيد الذي سيبني البلد مستقبلاً.

العدد 1104 - 24/4/2024