جلسة سمرٍ يائسة

إعداد إيناس ونوس:

في اليوم العالمي لإحياء ذكرى تجارة الرقيق، تخيّلت جلسة سمر بين عدد من الحكماء والفلاسفة يندّدون بشكل حياتنا الذي نحن عليه اليوم في الألفية الثالثة، تحديداً في سورية بعد سنوات الحرب الكارثية التي بتنا اليوم نترحّم عليها لما وصلنا إليه من عبودية في كل ميادين حياتنا التي لا تخفى على أحد.

يفتتح كارل ماركس الحديث ملخصاً حالنا تماماً بقوله:

_ تاريخ البشرية هو تاريخ البحث عن الطعام.

_ يُسمح للمظلومين كل بضع سنوات، بأن يختاروا نوّاباً عنهم من الطبقة التي تضطهدهم، ليمثلوهم وهم يقمعونهم.

_ ولكي تُحقّق الطبقة المضطهِدة الهيمنة والسلطة السياسية، جعلت مصالحها الخاصة كأنها المصلحة العامة.

فيؤيده توفق الحكيم هازاً برأسه:

_ عندما يلغى الجوع ستلغى في الوقت نفسه عبودية الإنسان للإنسان.

فيرد عبده الخال:

_ زمن العبودية لن ينتهي، هو زمن زئبقي، يتخفّى في ملابس وهيئات مختلفة.

يضحك مصطفى محمود بحزن ويقول:

_ لأن هناك من يناضلون من أجل الحرية، وهناك من يطالبون بتحسين شروط العبودية.

يتنحنح باتريك هنري، مُعلناً بأنه حان الوقت للصراخ على الملأ:

_ يجب أن ننقل للأجيال القادمة اشمئزازنا من العبودية.

مؤيداً رأي جبران خليل جبران:

_ إن البلبل لا يحوكُ عُشّاً في القفص، لكيلا يُورّث العبودية لفراخه.

غير أن من ضمن الموجودين من كان له رأي آخر، لكونه لامس حدَّ اليأس الذي يعيشه كل مواطن بيننا، فيقف محمود درويش مُجبراً الجميع على الصمت بقوله:

_ سيشتدُّ هذا الحصار ليقنعنا باختيار عبودية لا تضر، ولكن بحرية كاملة.

بسرعة، ينهض غسان كنفاني من مكانه فيضرب كفّه بكف محمود درويش لتأكيد ما قاله، ويوضح:

_ يسرقون رغيفك ثم يعطونك منه كسرة ويطلبون منك أن تشكرهم على كرمهم.. يا لِوقاحتهم!

يضيف ألدوس هكسلي:

_ لن تكون مسألة الجيل القادم هي كيفية تحرير الجماهير، بل بالأحرى، كيف نجعلهم يحبون استعبادهم.

بعد سهرةٍ ملأى بالنقاش وإبداء الآراء، يرفع الجميع نخب من قضوا في سبيل تحرير الإنسان من العبودية، متحسرين على أنهم قضوا دون فائدة، مترحمين عليهم، وعلينا _ نحن عبيد اليوم _، ومن بين أصوات ضرب الأقداح يصدح صوت كارل ماركس مجدداً:

_ الفقر لا يصنع ثورة وإنما وعي الفقر هو الذي يصنع الثورة.. فالطاغية مهمته أن يجعلك فقيراً، بينما مهمة شيخ الطاغية أن يجعل وعيك غائباً.

 

العدد 1104 - 24/4/2024