اتجار بشعوب ساهمت بالاستمرار

ريم داوود:

تُعتبر المناسبات الأممية مناسبات هامة، فهي تسعى لتثقيف الجمهور بالقضايا ذات الأهمية، بهدف حشد الإرادة ورفع مستوى الوعي لمعالجة المشاكل العالمية والاحتفال بالإنجازات الإنسانية، وعليه أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار يوم 30 تموز (يوليو) اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص وتعرّف المادة 3، الفقرة (أ) من بروتوكول اتفاقية الاتجار بالأشخاص بأشكاله المختلفة، ومن ضمنها تجنيد الأشخاص أو نقلهم وتحويلهم أو إيواؤهم بدافع الاستغلال أو حجزهم للأشخاص عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو الابتزاز أو إساءة استخدام السلطة أو استغلال مواقف الضعف أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا بدافع السيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الحد الأدنى من الاستغلال، استغلال الأشخاص في شبكات الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي أو العمالة المجانية والسخرة أو العمل كخدم أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو استعباد الأشخاص بهدف الاستخدام الجسماني ونزع الأعضاء. هذا التعريف الشامل يقودنا إلى التفكير بشكل دقيق ومفصّل فيما آل إليه الواقع السوري اليوم.

*أنواع الاتجار بالبشر:

١- الاتجار بالبشر بهدف الأنشطة الإجرامية: حيث تُجبَر الضحية على تنفيذ أنشطة إجرامية قسرية غير قانونية مثل السرقة، زراعة المخدرات والترويج لها، التسول القسري وغيرها من الممارسات.

٢-الاتجار بالنساء للاستغلال الجنسي: يُشكّل هذا النوع انتشاراً كبيراً على مساحة واسعة من العالم، ذلك أن نساء البلدان النامية والدول المتنازعة تغريهم الوعود السرمدية بالعمل والحياة الكريمة فيقعون فريسة لهذا الإجرام.

٣-الاتجار بالبشر بهدف استئصال الأعضاء: لقد انتهز المجرمون حاجة المرضى إلى أعضاء صحية سليمة معرجين على طول فترة انتظار المريض أمام أبواب المتبرعين ليجعلوا من أبناء المناطق النامية والدول المتنازعة هدفاً لهم في هذا النوع من التجارة.

٤-تهريب المهاجرين: كذلك الأمر هو بالنسبة لأبناء الدول النامية والتي تشهد نزاعات وصراعات دولية حيث يقعون ضحية للأعمال القسرية التي يفرضها عليهم المهربون وفق ظروف غير إنسانية وغير لائقة ثمن مرورهم عبر الحدود بطريقة غير شرعية.

*الوضع السوري الراهن: يعاني الشارع السوري حالة من التخبّط والصراع على الصعيدين الفردي والجماعي الناتج عن اللاّ تخطيط واللاوعي والجشع الذي طال نفوس الغالبية من تجّار ورؤوس أموال وغيرهم من الشرائح الأخرى. فعلى الرغم من الكوارث الطبيعية والنزاعات والصراعات التي شهدتها الدول الغربية إلاّ أنها لم تشهد المأساة العربية وبالأخصّ السورية منها، والمرجّح في ذلك هو الوعي والتكافل البشري الذي يضمن للأفراد حقّهم في الأمن والاستقرار من جهة، والتخطيط الحكومي السليم من جهة أخرى. والجدير بالذكر أنّنا وفي خضمِّ هذا الصراع ننحني قسراً أمام ممارسات تطفو لتعوم مُجبرة أبناء الطبقة المعدومة على القبول بها إكراهاً لا رضاً، لقد تدهورت الأوضاع المعيشية لمعظم السكان، فضلاً عمّا رافقها من انحطاط في الواقع الاجتماعي مع سوء في التخطيط والتنفيذ على الصعيدين الفردي والجماعي، ممّا أثّر بشكل كبير على حياة الغالبية مُغيّراً مسار توجهاتهم وأحلامهم وأهدافهم في الحياة. وبالعودة إلى أنواع الاتجار كما ذكرت سابقاً نجد أنّنا كسوريين نعاني ما نعانيه منذ أكثر من عشر سنوات، أضف إلى ذلك استغلال التجّار وتفرّدهم بأسعار السوق الشرائية من مواد استهلاكية وأدوية وغيرها من المستلزمات الحياتية التي تفرض على المواطن استهلاكها، لكن اللاّفت في الأمر والمؤسف بل المخزي هو أن جشع هؤلاء وطمعهم لم يعد يُطاق لدرجة أنهم أصبحوا يتفنّنون ويبدعون بالوسائل والطرق التي تمكّنهم من المتاجرة واستغلال الناس ابتداءً من رغيف الخبز وصولاً إلى المحروقات ومشتقاتها، فيتأرجح المواطن على حبل الاحتياجات مجبراً على الوقوع في فخِّ هذا الاتجار لا حول له ولا قوة!

مع كل ريح تشتد تكون الآمال مرتقبة لخير وافر وحصاد زاهر، لذلك نأمل كسوريين أن يكون الخير وافراً والحصاد زاهراً عقب هذه الرياح القاسية التي عصفت ولا تزال تكسر وتقتلع جذور أبنائها معلنة هلاكهم، متفائلين بتخطيط ممنهج علّ الخلاص والخاتمة من هذه الفوضى تكون من نصيبنا.

العدد 1105 - 01/5/2024