هذا ما قلناه في الماضي.. وهذا ما نقوله اليوم أيضاً: القلق غير كافٍ.. يا سيادة النائب!

بشار المنيّر | 2009:

نشهد علناً، وأمام الجميع، بأن السيد النائب الاقتصادي من أشد المدافعين عن الخطة الخمسية العاشرة، ولشدة حماسته لمحتوياتها.. وبنودها.. وأرقام صفحاتها، يظن البعض أنه يحفظها غيباً. وحين يواجه السيد النائب مَن يعاتب الحكومة على تقصيرها في التوجيه.. والإشراف.. والرقابة على العملية الاقتصادية كي تأخذ طابعها التنموي، الاقتصادي والاجتماعي، يسارع إلى الرد: ارجعوا إلى الخطة.. نحن لا نعمل خارج الخطة!

في جلسة مجلس الشعب يوم الأربعاء 20/5/2009، دافع السيد النائب عن قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات، فالوفر الذي تحقق، والمقدر بنحو مليار دولار، سيوجّه لمزيد من الإنفاق العام، لكنه لم يتطرق إلى قضية تبدو غير هامة بالنسبة إليه.. ولا علاقة لها بهذه المسألة! وهي: من جيوب مَن حقّقت الحكومة هذا الوفر؟ فالصناعي .. والتاجر.. والحرفي.. وحتى بائع الكتب القديمة على رصيف جامعة دمشق، جميعهم رفعوا أسعار بضائعهم، بعد رفع أسعار المشتقات النفطية، وحده المواطن الذي يعمل.. ويكد.. لم يجد من يعكس عليه غلاء الأسعار إلاّ زوجته .. وأولاده، فقلّص الدعم لهم عن طريق التقتير في الغذاء.. والكساء.. والطبابة! فهل أدرجت معاناة هؤلاء في الخطة الخمسية؟ وتحت أي بند؟! وفي أي صفحة!؟

أشار السيد النائب في ردّه على أعضاء المجلس إلى أن بطالة الشباب هي القضية الأخطر، وتثير القلق، وإن انخفضت من 24%، إلى 18% لكن هذا مازال رقماً كبيراً، أما بالنسبة للذين يعملون دون 30 ساعة أسبوعياً، فنسبتهم مرتفعة جداً.

هل دُونت في صفحات الخطة آلام عشرات ألوف الشباب الباحثين عن فرصة عمل تعزز انتماءهم للوطن، وتشعرهم فعلاً لا قولاً بأنهم بناة المستقبل، أم أن معاناة هؤلاء (خارج الخطة)؟

أما قول السيد النائب: (الحكومات تتخذ أحياناً قرارات غير شعبية، لكنها في النهاية تخدم مصلحة الوطن) فهو قول يجافي الحقيقة والمنطق! إن القرارات غير الشعبية التي تتضرر بسببها مصالح الفئات الفقيرة والمتوسطة التي تمثل أكثرية الشعب السوري، لا تخدم مصلحة الوطن، بل مصلحة أقلية تزداد ثروتها، وتشتد سيطرتها على الحياة الاقتصادية في البلاد كلما اتخذت الحكومة مثل هذه القرارات غير الشعبية.

1 – القرارات (غير الشعبية) بالانفتاح المتسرع قبل تمكين الصناعة الوطنية، لم تخدم مصلحة الصناعيين ولا مصلحة الوطن، ومخاوف رجال الصناعة بعد تطبيق السوق الحرة العربية الكبرى بسبب عدم قدرتهم على منافسة السلع العربية أكبر برهان، ونتوقع تحوّل هذه المخاوف إلى نداءات استغاثة بعد توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوربي؟

2 – القرارات غير الشعبية التي تركت القطاع العام الصناعي يصلح ذاته بذاته دون تدخل مباشر من قبل الحكومة، لا تخدم مصلحة الوطن، وهي تتجاهل الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه هذا القطاع إذا ما تعافى في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

3 – القرارات غير الشعبية التي حرّرت أسعار السماد، وأحجمت عن استلام محاصيل الشعير، لم تخدم القطاع الزراعي وجماهير المزارعين، ولا مصلحة الوطن .

الخطة الخمسية ورق.. وحبر، أما المعاناة.. والقلق.. والعوز.. والبحث عن العمل فهو الحقيقة الوحيدة الماثلة أمام الفئات الفقيرة والمتوسطة، هذه الفئات التي وصفها السيد رئيس الجمهورية بأنها (السند الرئيسي لصمودنا)، فهل لدى النائب خطة خاصة بهؤلاء، وهل يخطط لقرارات شعبية حقاً، تضع المسألة الاجتماعية على قدم المساواة مع المسألة الاقتصادية، أم أن الشعور بالقلق كافٍ بالنسبة إليه!؟

العدد 1105 - 01/5/2024