خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء.. من أجل الشعب والوطن

فادي إلياس نصار:

بلغ إجمالي أرباح شركة (أرامكو) للنفط، خلال عام 2018، نحو 111 مليار دولار، أي ما يعادل أرباح شركة (أبل) و(غوغل) و(إكسون موبيل) مجتمعة (بحسب وكالة بلومبيرغ)، لم يُدرج دولار واحد منها، في ميزانية السعودية، وذلك رضوخاً لأحد بنود اتفاقية المشاركة.

واتفاقية المشاركة، هي (اتفاقية الامتياز الأساس) التي سارعت الولايات المتحدة الأمريكية، لتوقيعها، فور اكتشاف النفط، في السعودية، بكميات هائلة أواسط ثلاثينيات القرن الفائت، التي بموجبها منحت السعودية، شركة (ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا_ سوكال)، حق التنقيب عن النفط، في مساحة تعادل نصف مساحة المملكة.

بعد توقيع تلك الاتفاقية، أصبح الاسم الفعلي لشركة النفط العملاقة (سوكال) هو (شيفرون- تكساكو)، وذلك بعد أن انضم إليها ثلاث شركات نفط أمريكية أخرى، هي (تكساكو)، (إكسسون) و(موبل).

وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ (كوندوليزا رايس)، قبل تعيينها مستشارة للأمن القومي، في عهد الرئيس بوش الابن، شغلت منصب مديرة تنفيذية لشركة (شيفرون- تكساكو)، في الفترة (1991-2000)، في حين أن ديك تشيني، كان رئيس شركة (هاليبرتون) التي تقدم المنتجات والخدمات التقنية لصناعة استكشاف وإنتاج النفط والغاز، بينما رأس وزير الخارجية الأسبق (جورج شولتز)، مجلس إدارة شركة (بيكتيل)، جميع هؤلاء شجعوا الحرب على العراق، لتحصد شركاتهم في ما بعد حصة الأسد في عملية إعادة الإعمار (الوهمية) في العراق.

كان الأمر جلياً، فالذي خطط لحرب العراق هم مديرو وأصحاب شركات النفط الأمريكية، واضعين خططاً (عسكرية -اقتصادية) تحت عنوان عريض يقول: (الهدم والتدمير للبناء وإعادة الإعمار).

كالعادة، بدؤوا بفرض عقوبات اقتصادية، أدت إلى خسائر فظيعة دمرَّت الاقتصاد الوطني العراقي، وجندوا أشخاصاً لنشر الفساد وتجذيره، ما أدى إلى انهيار مؤسسات الدولة، فيما تكفلت العمليات العسكرية التي نفذوها، بإحراق الأخضر واليابس، واستكملت (بلاك ووتر) نهب ما تبقّى ذو قيمة من نفط، وذهب، وآثار، في ظل فراغٍ أمني فظيع.

بعد ذلك، بدأت تقارير البنك الدولي وصندوق النقد، بالترويج لقضية أنَّ هذا البلد مدمر تماماً وأنه يحتاج إلى نحو مئة مليار دولار، لإعادة إعماره، وترافق ذلك بطرح السماسرة الدوليين، للشركات الأمريكية والبريطانية، كمنقذ وحيد يستطيع القيام بهذه المهمة، فكان بين أكثر من مئة شركة أمريكية كلاً من: شيفرون تكساكو (المالك الحقيقي لشركة (أرامكو))، (بيكتل)، ساينس أبليكشن والسيئة الصيت (بلاك ووتر).

أضف إلى تلك الشركات (هاليبرتون) المثال الصارخ (لحروب الشركات)، والتي لها فرع في الكيان الصهيوني (كيه بي آرKBR ) وهي شركة إنشاءات عملاقة لمصافي البترول، حصلت على حصة الأسد من كعكة العقود في العراق، والجدير ذكره هنا هو أن الشركة حصلت على امتياز إطفاء نحو 325 بئر بترول، إبان حرب العراق على الكويت عام 1991، (لاأحد يعرف حتى اليوم هوية الفاعل الحقيقي لتلك الحرائق).

وإذا تكرر سيناريو إعادة إعمار العراق، في سورية (نهب ثروات البلاد وإفقار الشعب، قبل البدء بعملية إعادة الإعمار)، سيكون، كضرورة تاريخية، من حق الشعب السوري قول كلمته في أنَّه: لا لمشاركة كل من دعم الحرب علينا خلال ثلاث عشرة سنة، ولو بدولارٍ واحدٍ.

أخيراً، من نافلة القول، أنَّ الشركات العابرة للقارات ذاتها (الناهبة للقارات)، تسنّ أسنانها لتقاسم الكعكة السورية (عملية إعادة الإعمار) عبر توظيف وتجييش وسطاء وسماسرة محليين، وهنا يجب على الدولة السورية التفكير بمصالح بلدنا وشعبنا، قبل السماح لتلك الشركات بالدخول في عملية إعادة إعمار البلاد، الحذر، ثم الحذر، فخطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء!

العدد 1107 - 22/5/2024