وقتٌ وسيمضي!!

ماري مرشد:

بعد أنّ حلَّ الصّمت بأركانه وهدأت جميعُ الطرقات، والتفّت العائلات في بيوتها، أصبحت المدن والأرياف جميعها شبه خاوية، لا يوجد فيها إلا حركة بسيطة وقليلة جداً، نظراً للوضع الصحي الذي حتّم على الناس التقيّد بذلك من أجل صحتهم ووقايتهم من كورونا المستجد.

كانت بعض العائلات تعيش بوضع وجو هادئ ومنسجم، ولكن البعض الآخر كان يعايش جواً من الخلافات والنزاعات اللا منتهية، التي تؤدي إلى العنف وحالات الاعتداء الجسدي وغيرها ضمن إطار الأسرة.

الخلافات الزوجية والحجر الصحي

إن الحجر المنزلي أفرز سلوكيات اجتماعية لم تكن موجودة، وأخفى الكثير من السلوكيات اليومية المُعتادة قبل هذه المرحلة. فالبقاء في البيت لجميع أفراد الأسرة والارتباط أكثر بشاشات التلفزيون والهاتف بحثاً عن المُستجدّات (أخبار ومواعظ وحتى نكات) حتى بدأت الحوارات الأسرية المطمئنة أو المتشائمة عن الأوضاع الصحية بخلق صدامات يومية بين الزوجين وحتى الأبناء خاصة في حال اختلفت الآراء.

وللخروج من هذه الحالة بصحة نفسية واجتماعية جيدة وقوية يجب اتباع توجيهات عدّة منها:

الاتفاق بين الزوجين ومن ثمّ توزيع المهام بينهما داخل المنزل خلال هذه الفترة، وأيضاً على الأولاد المُشاركة بأنشطة تشمل (الحوار الإيجابي_ التوعية_ أوقات اللعب_ النوم_ القراءة_ ممارسة الرياضة …الخ).

عدم نقل الأخبار السيئة أو الإشاعات ونشرها وعدم خلق حالة نفسية سيئة.

كما أن تقليل ساعات استخدام الهواتف ووسائل التواصل له دور إيجابي في إيجاد نواحٍ أخرى تهتم بها الأسرة والأفراد، مثلاً مشاركة الجميع في إعداد وجبات الطعام فذلك يرسخ أسس التعاون والانسجام فيما بينهم، أيضاً التعاون بين أفراد الأسرة في الأعمال المنزلية كافة لتخفيف العبء عن الأم ولكي يشعروا بما تفعل الأم بشكل دائم دون أن يلاحظوه سابقاً، كما يجب توعية الأولاد وطمأنتهم والتقرّب منهم أكثر، وإيجاد صيغة تجمع بينهم للاعتناء بميولهم وتنمية مواهبهم واستغلال الوقت لخلق جو من الاندماج والتواصل بشكلٍ أفضل.

هذه الإجراءات والمهام تهدف الى شغل أفكار الجميع وتفكيرهم إيجابياً واستثمار أوقاتهم بما يعود عليهم بالنفع والخير وتخفيف الضغوط النفسية عنهم، وتقليل الصراعات اليومية الناشئة من فترات البعد عنهم والانشغال بالعمل، والساعات القليلة التي كانت تجمعهم ولا تفسح المجال لكي يكون هناك تواصل باستمرار، وهذا يتطلب من الجميع الصبر والتعاون لتجنّب المشاكل التي يمكن حصولها.

لكن هذا لا ينفي أن هناك عائلات تعيش في جو منسجم وطبيعي ووضع الحجر قرّبَ المسافات بينهم، فربما كانت الدراسة تأخذ حيّزاً كبيراً من أوقاتهم بالنسبة للطلبة الجامعيين، وبعدهم عن أهلهم يشكل حالة من عدم الراحة وصعوبة التأقلم في السكن الجامعي. أيضاً يوجد النقيض للعائلات التي تعاني النساء فيها من المشاكل الكبيرة والعنف المنعكس من الوضع الموجود والتي لاتستطيع البوح أو الحل لتغيير الوضع وإيجاد الراحة بين أفرادها، لذلك نرى أن هناك تنوعاً كبيراً في البيئات والعائلات ولا يسعنا إيجاد عنوان عريض يصف الحال!

العدد 1104 - 24/4/2024