الحياة رحلة.. ما بين المشقّة والعناء والسعادة والهناء!

حسن البني:

حياة الإنسان عبارة عن رحلة تبدأ مسيرتها منذ الولادة وتنتهي بقضاء الموت، وتختلف النظرة إلى الحياة خلال هذه الرحلة حسب تربية كل إنسان ومفهومه ومنهجيته، وواقع رحلته هذه في مجتمعنا الذي نعيش فيه والذي تتعدد فيه وتختلف الرؤى لهذا الواقع. قد تكون نسبة التشاؤم عالية فيها مقارنة بالمصاعب والأهوال التي يتعرّض لها العديد من الأشخاص في الوقت الراهن، إذ يبدأ الإنسان يومه بالركض منذ الصباح الباكر وراء لقمة عيشه، وراء تربية أبنائه، وراء هموم الخدمات الضئيلة التي قد لا يحصل عليها من ماء وكهرباء ومحروقات وغيرها الكثير، ممّا يجعل سماءه الصافية ملبّدة من كثرة غيوم الآلام والأحزان في هذا الواقع المرير. فما من غني أو فقير أو متوسط الحال إلاّ ويعاني في هذه الأيام من مواجهة صعوبات التأقلم مع الظروف القاسية المفروضة علينا بسبب شدّة الأزمة التي مازالت آثارها تعصف بالبلاد حتى اللحظة. والسؤال الذي قد يخطر على بال البعض من أهميته وحيويته هو: (هل الحياة نزهة أم معركة؟).

من منظوري ورؤيتي لحياتي أفترض أنه لو أجرينا استبياناً أو استطلاعاً للرأي على مواقع التواصل الاجتماعي للإجابة عن هذا السؤال، فإن النسبة ستكون كالتالي: 80% سيجيبون إن الحياة هي معركة تتخللها نزهات قصيرة، بينما البقية ستكون إجابتها معاكسة بما يفيد أنها نزهة تتخللها معارك صغيرة، فالمشكلة التي نواجهها في المجتمع اليوم، تتمثل للأسف في النفوس المريضة التي لم تتغيّر، والتي تُعاني من آفات مثل: الأنانية والجشع والحقد والحسد والكراهية …إلخ، وسبب ذلك هو الجهل والتخلف وتعاظم الأنا الذي ينتشر في مجتمعاتنا، ولو تمكّن الإنسان منّا، أن يُعدّل في سلوكه وتغيير مكنونات النفس البشرية بما يتماشى مع التنظيم المجتمعي الذي يعيش فيه، لاستطاع أن يجعل مجتمعه أفضل مكان للعيش المشترك والهادف للقضاء على ما يُعكّر صفوه والوصول إلى أسباب السعادة والهناء للتغلّب على أشرس معارك الحياة اليومية التي يخوضها.

فالحياة في النهاية هي نزهة قصيرة فعلياً، ومبدأ كل إنسان في استغلال هذه النزهة، يجعله قوياً في التغلب على معاركها، ووجود مجموعة من الناس الداعمين حوله، وخاصة من يُقدّرون ويحترمون جهوده، دون الاستخفاف أو السخرية من أفكاره أو طموحه وأحلامه، لا شكّ سيجعلنا جميعاً نصل إلى الرضا عن النفس المنفتحة والتي تساعدنا في تحقيق ما نصبو إليه من آمال وأمنيات، ويصبح العالم بأسره فعلاً قرية صغيرة لا تشوبها شائبة من ألم وقهر، بل يعمّها التعاطف والأمان والأمل.

العدد 1102 - 03/4/2024