فلنخرج من إطار ذاتنا، لنصنع حياة ووطن من جديد!

وعد حسون نصر:

نعم، حياتنا الجديدة يجب أن تبدأ بثورة في داخلنا نُدمّر من خلالها قيوداً فرضناها على أنفسنا، فلنُحطّم إطارنا الخارجي، لنَخرُجَ بنفوس مفعمة بالحياة، وإن كان عالمنا الخارجي انعكاساً كاملاً لعالمنا الداخلي، فعلينا أن نجعله متّصل بين ما نُفكّر ونشعر به داخلياً، وبين ما نفعله عملياً، علاقاتنا وصحتنا وثروتنا ومرتبتنا هي صور خارجية منعكسة من مرآة نفوسنا، كذلك قراراتنا وتصرفاتنا هي نتاج لقيمنا ومعتقداتنا الراسخة في داخلنا، ولأننا نستطيع السيطرة على أفكارنا الداخلية، فإن سعادتنا أو تعاستنا هي دائماً من فعل أيدينا.

ليس المقصود بالداخل جوهر شخصية الإنسان وذاته فقط، ولكننا نعني المنظمات وقيادات الأوطان أيضاً، وعندما نُطبّق هذا المفهوم نُدرك أن إدارة الذات هي جوهر القيادة، فبدلاً من محاولة تغيير الآخرين، فلنُغيّر أنفسنا أولاً، وبدلاً من الإدارة بالعصا والجزرة تكون الإدارة بالحكمة والقدوة الحسنة، ومن هنا تكون الإدارة من الداخل هي إدارة التوازن بين حاجات الفرد وحاجات المجتمع والدولة، وذلك كي نتمكّن من تجاوز الارتباط الشديد بالماضي، ولنوازن بين الاندفاع الأهوج إلى المستقبل، والشخصية الداخلية والشخصية الخارجية، علينا كسوريين بعد حربنا الدامية أن نستفيد من تجاربنا الشخصية لنعكسها على عالمنا الخارجي، فلا نبقى مُقيّدين بإطار الهزائم وحاجة قوةً خارجية توجّه لنا ضربةً ننهض مشلولين من عزمها!!

علينا نحن أن نكسر القيد من داخلنا لنولد من جديد جنيناً دماغه صفحة بيضاء نرسم عليها أحلامنا، آمالنا، طموحنا بأن نُعمّر بلدنا الحبيب بأيدٍ شباب مُفعمٍ بروح مندفعة بحب وحيوية نحو مستقبل سوري مُشرق منطلق من الذات، مجتمع لا تُشكّله قوة خارجية أو يفرضه العالم الخارجي، ولكن قلوب شبابنا وقلوبنا النقية أفضل من كل العقول في العالم الخارجي، لنُدرك أن ما يحدث لنا ليس مُهمّاً، المهم هو ما يحدث فينا من تغيير، لأن الحياة تتشكّل من الداخل، وممّا يحدث فينا ومن طريقة استجابتنا لما يحدث لنا في معظم الأحيان.

لذا، الأفضل لنا ولوطننا أن نُغيّر ما فينا نحن لا أن نُغيّر ما في المكان من الخارج وحسب، ولنكن على يقين تام أننا عندما نسير بظهرنا راجعين إلى الوراء متجاهلين الحاضر، بعيدين عن المستقبل، تاركين الطموح، هاربين من الأمل، فمن الطبيعي والمؤكّد أننا سنسقط، مثل حالة كسر البيضة من الخارج والذي يُحدث نهاية حياة، أمّا كسرها من الداخل فيكون بمثابة ولادة جديدة، ونحن كشعبٍ سوري نريد ولادة إنسان جديد فينا ليولد وطننا من جديد بدفعة حبّ ووفاء من الداخل لا بضربة خارجية تكسرنا أكثر فأكثر فتُحطّم ما تبقى لدينا.

العدد 1105 - 01/5/2024