هل نحن أحياء.. أم مُعَلّبونَ في قشرتنا؟

إيمان أحمد ونوس: 

إن الحياة برمّتها فعلُ وجودٍ حقيقي مُنتج وفعّال على المستوى الشخصي والعام. ولولا هذا بالتأكيد لما كانت هناك أُممٌ وشعوب ارتقت بحضاراتها وحضورها الإنساني والعلمي إلى مستويات تليق حقيقة بفكر ووعي الإنسان بما تميّز به عن سائر المخلوقات والكائنات الحيّة.

وانطلاقاً من هذا، فإن كلّ إنسان على وجه البسيطة مهما كان موضعه مُطالب بأن يُعطي لوجوده معنىً يتوافق مع إمكاناته وقدراته العقلية والعلمية والمادية أيضاً. ولذلك تكون مُطالبةُ المسؤولين عن مجتمعاتهم (آباء ومربين، رجال علم ودين، رجال دولة وحُكّام.. الخ) مُطالبةً مشروعة بأن يُفسحوا المجال رحباً أمام أولئك الأفراد كي يتبنّوا أهدافاً مناسبة لحياتهم تخدم وجودهم ووجود المجموع فيتحمّلوا مسؤولياتهم المنوطة بهم بكل اقتدار وحرية وشجاعة. وهذا بالتأكيد يحتاج إلى توفير الدعم المادي والمعنوي والنفسي من أجل زيادة السعي والنهوض وصولاً إلى حياة تليق بالجميع أفراداً وحكومات.

لا شكّ أن التشدُدَ في الحفاظ على موروثٍ مُتنوّع ومُتعدد الأشكال والاتجاهات بكل ما فيه من غثٍّ وثمين لا يُمكنه أن يُحرّر الطّاقات الكامنة عند الأفراد إن لم يتمّ التعامل معه بروح مُنفتحة وذهنية انتقائية تأخذ الإيجابي وتنسف السلبي، وهنا فقط تكون الانطلاقة الحقيقية والفعّالة باتجاه فضاءات أكثر رقيّاً ووعياً بقيمة الإنسان وأهمية وجوده في الحياة.. أمّا ما عدا ذلك، وأمام البقاء مُقيدين إلى موروثٍ وقيم بالية، فإننا وبكل تأكيد سنبقى عُرضَةً لمختلف التيّارات الوافدة إلينا دون أدنى تفكير بمدى صلاحيتها ومواءمتها لنا، لنغدو أسرى تلك التيارات بما يُبقينا أكثر هشاشة تجاه ما يُسمّى انفعالية التلقي، فنُصبح أو نبقى أشباه أحياء مُعلّبين داخل قشور الزيف والموروث المُتخلّف الذي يساهم مع تلك التيارات الوافدة بكل ما يُسهّل تشويهنا وتهشيمنا وتهميشنا بآنٍ معاً، وما ينطبق على الأفراد هنا ينطبق بكل تأكيد على المجتمعات والدول، فتُصبح مقولة: (إذا كُسِرَتْ البيضة بفعل قوّة خارجية تنتهي الحياة.. أمّا إذا كُسِرَتْ بفعل قوّة داخلية فتبدأ الحياة) مقولة واقعية تُعبّر عن مدى أهمية إعمال العقل والمنطق في نمط وأسلوب حياة الفرد والمجتمع، وبالتالي عمل ومسؤولية الحُكّام والحكومات.

العدد 1104 - 24/4/2024