على عتبات التجارب الامتحانية

غزل حسين المصطفى: 

في الأيام القليلة الماضية انتشرت صورة لأب يقف إلى جانب ابنته قُبيل دخولها إلى مركزها الامتحاني، وأيّ شخص يُمعن النظر في تلك الصورة يُدرك مقدار توتّر تلك الطالبة حتى أن جميع أغراضها كانت مع والدها، رأسها منخفض وملامح والدها لا تُخفي الجهد الذي يبذله في محاولة لرفع معنوياتها، فهو قريبٌ منها يُحيطها ببصره ويبدو أنّه يحدّثها برقّة ولطف.
هذه التفاصيل التي عكستها الصورة جعلتها رائجة على العديد من صفحات موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك). راح الكل يُمجّد للأب فعله ووقفته تلك، والأدعية تنهال من كلِّ صوبٍ لطلاب الشهادات الذين يخوضون حربهم الضروس في هذه الأيام!
السؤال الذي تبادر إلى ذهني بعد هذه الصورة: هل هي حالة صحية أن يتتبّع الأهل أطفالهم، أو بعبارة أصَح، هل هي دفعة إيجابية أن يرافق الأهل أولادهم إلى امتحاناتهم، ولا سيما التشديد على امتحانات الشهادتين؟
بصراحة، وأنا اليوم طالبة جامعية وقطعت العديد من التجارب الامتحانية، لم يرافقني أهلي إلى أيٍّ منها ليس من باب الإهمال، بل كنت أرفض في كل مرة ذلك.
وأقول في أول يومٍ لي في الصف الأول الابتدائي كنت وحدي، وتقدمت للعديد من الاختبارات وأنا أشدُّ على نفسي أكتشف عتادي وحدي، واليوم لا فرق في شيء سأواجه الحياة وأسير الدرب بمفردي.
من تجربتي الشخصية رأيت أن ما قطعتُ به كان هو الحالة الصحية، ذلك أنني في كل منعطف مررتُ به كنتُ مدركة تماماً لحدودي، أعرف كيف أفرد أجنحتي وإلى أيّ مدى أتحمّل. وبعد كل تجربة كانت عتبة المسؤولية تزداد وروح الصبر والشجاعة تبرز عندي بوضوح وجلاء.
حين قيل لي هل تستطيعين السفر خارج المحافظة للدراسة قلت: وما المشكلة أن أسافر خارج القطر كله إن لزم الأمر؟ جوابي لم يكن عبثاً بل عن ثقة ودراية تامة بما ينتظرني.
إن الجوهر الأساس الذي تدور حوله أمثلتي السابقة هو أن تحمّل المسؤولية لا يُخلق من عدم، هو تجارب
الحرية الشخصية، ومساحة الفرد ليست لها حدود جغرافية إنما هي تمتد على مساحة نحن من نختارها ونحارب فنحصل عليها ونُسيطر لنكون كما نريد لا كما يريدون لنا.

العدد 1104 - 24/4/2024