آمال مبنية وعيون معلقة خلف سور المدرسة

وعد حسون نصر: 

حال الأهالي خلال فترة الامتحان لا تسُرّ، آمالهم مُعلّقة بعلامات جيدة وعيونهم ترنو إلى باب مركز الامتحان تنتظر البُشرى بخروج الابن ضاحك الوجه مُبشّراً بالعلامة التامة. هذه الظاهرة التي نراها وتشمل الكثير من الأهالي ألا وهي رفقة الأبناء خلال فترة الامتحان والبقاء لحين انتهاء وقته، لا يمكن أن نقول إنها مُبالغة بالمشاعر، فهي آمال مبنية على طموح للأعلى وحلم بنجاح مُزهر يحقّقه الأبناء، لجعل العائلة ترفع رأسها بدكتور أو مهندس أو محامي أو صحفي أو طالب تجارة واقتصاد يرفع من رصيد العائلة الاجتماعي. كذلك لا يمكن اعتبارها حالة سليمة لأنها تجعل من الابن شخصاً اتكالياً يخشى خوض المسؤولية بنفسه ولا يستطيع ترميم جراحه عند الفشل، فهو اعتاد على وجود من يُرمّم له الجراح.. وإن كان قلق الامتحان يبدأ كحالة عابرة وأمر طبيعي وإيجابي للفرد، فهو بمثابة الدافع الذي يُحرّضه لإعداد نفسه للامتحان، ولكن حين يزيد هذا القلق عن حدّه تظهر آثاره السلبية على الفرد، ممّا يؤثّر على ثقته بنفسه، ويؤثّر بشكل سلبي على تحصيله الدراسي فيتدنى وينخفض.

وللتغلّب على قلق الامتحان يجب التوقف عن التفكير السلبي بالأمور، وتجنب المخاوف التي تتسبّب بالقلق كالخوف من صعوبة الامتحان، أو الخوف من عدم المقدرة على استيعاب الدروس أو الخوف من النسيان، ثم يأتي الدور المُضاد للسلبية، وهو التفكير الإيجابي والثقة بالنفس من خلال إعطاء النفس الجرعة المناسبة من التفاؤل، والتفاؤل يخلقه الأهل بكلمات مُحفّزة وعبارات مُشجّعة يحتاجها الطالب لتقوية وتعزيز معنوياته. أيضاً على الأهل عدم إظهار مخاوفهم أمام الطالب وتبسيط فكرة الامتحان لديه، وإذاً ليس من الضروري أن تكون رفقة الأهل للطالب خلال فترة الامتحان رفقة تمدّه بالدعم النفسي، بل لابدّ من بعض التدابير التي تساعد الطالب على تجاوز فترة الامتحان بسلام وحالة نفسية جيدة، لعلّ أهمها توفير وقت كافٍ للنوم، فعلى كل تلميذ أن يحصل على كفايته من النوم والراحة، والاستمتاع بفترة استرخاء وترفيه، عن طريق إعطاء العقل والجسم راحة حوالي عشر دقائق بعد كل ساعة دراسة مُتّصلة، تناول طعام طازج صحي ومتنوع، إذ يجب على الطالب خاصّة في فترة الامتحان الالتفات إلى الحفاظ على صحة جسمه لأنها تُمكّنه من الحفاظ على صحة عقله، فالعقل السليم في الجسم السليم، الاهتمام بمكان الدراسة بحيث يكون هادئاً قدر المستطاع بعيداً عن الضوضاء والنقاشات والتجمّعات، وأن يكون جيد التهوية إضاءته قوية ومناسبة، والبعد عن مصادر التشويش والتوتّر، لنجعل من كلمة امتحان بالنسبة للكثير من الطلبة والأُسر حالة سليمة بعيدة عن القلق والتوتّر والخوف الشديد، فلا يمتد هذا الخوف ليُسيطر على حياتنا وحياة أبنائنا الطلبة ونومهم، لنتمكّن من القضاء بشكل نهائي على مظاهر القلق والخوف فيُصبح الامتحان حالة عابرة تمرُّ بسلام لا شبحاً وكابوساً يُرعب الطالب والأهل معاً.

العدد 1104 - 24/4/2024