لكل مرحلة صانعوها

وعد حسون نصر: 

لكل مرحلة صُنّاعها.. كذلك للفن والأدب مراحل وصانعون أو مُبدعون، فهما كأي مرحلة من مراحل الحياة واقع معيش يحتاج إلى من يُشخِّصه من شعراء وأدباء وفنانين ومبدعين وممثلين ومخرجين وغيرهم, وكلما كان صانع السرد والتجسيد للواقع ماهراً، كان أقدر على رصد الحقيقة بشفافية ووضوح أكثر، وتكون العقدة مُحكمة تشدُّنا للغوص بأحداثها، ولذلك قديماً كان الشاعر لسان حال قومه، وكذلك الكاتب هو مؤرخ لتاريخها والناطق باسمها، ومن هنا كانت القصيدة والقصة والكلمة رصداً للواقع والأحداث المُتلاطمة بما تحمله من قبح وجمال، فالفن لا يقتصر فقط على الأدب والشعر والرواية، بل يشمل السينما كذلك، فهي شاشة يختبئ وراءها الواقع ليكون المُمثّل هو الراوي والقارئ المشاهد خلف شاشة الواقع الملونة أيضاً، لا يمكن أن ننسى المسرح بخشبته التي كسرت الحاجز بين الممثل والمشاهد كي يلتقيا دون حواجز، فيكون الصراع على واقع مرير بين الممثل المُتحرّك كدمية تبكي، تضحك، تلهو بيد الجميع، والمشاهد المُتلقي وكأنه الشاهد والعين الأخرى الراصدة لما يجري. هذا كله يحتاج إلى دم جديد وروح جديدة ألا وهي شبابنا الصاعد، عماد المستقبل.

وعلى اعتبار أنه خلال سنوات الحرب الثماني مرّ علينا ثلاثة أجيال، فمن كان في السابعة من العمر هو الآن يافعٌ، ومن كان أكبر هو اليوم شابٌّ جامعي، ومن أتى للحياة في مرحلة الحرب هو اليوم طالبٌ على مقاعد المرحلة الابتدائية، لذلك هم أقدر على نقل الواقع بكل التفاصيل والأحداث، وكم نحن بحاجة هؤلاء الشباب لعودة الدم من جديد للعروق الجّافة لتعود إليها الحياة وخاصةً بعد أن رُمِّمَ الوريد من بعد قطع. فالعالم يسير للأمام من أجل الخروج من النمطية والقوقعة، لذا دعوا الشباب الصاعد الحالم يُزيل العدسات السوداء من عيوننا ليضع العدسات الملونة، لعلَّ الحياة تُزهر فينا من جديد، فنحن بحاجة إلى من يُحيي أفكارنا ويُلبسها ثوباً مزركشاً بعد أن شاخت مع شيب أفكار قديمة تعوّدنا على قراءتها في روايات بعيدة عن واقعنا الحديث.

من هنا أتت وتأتي تجربة سينما الشباب والشعر الشبابي خطوة تقدمية للنظر إلى الحياة بأفكار حيوية فاضت من طموح شبابنا وأملهم بغد مشرق، لعلّهم يلونون حياتنا بلون أحلامهم ويزيلون اللون الأحمر النازف من أروحنا، فلا ضرر من نبض القلوب بعد موتها، ولا ضرر من جعل المستقبل نابضاً بشغف شبابنا ليعطونا الحياة بلون الأمل وعطره.

العدد 1105 - 01/5/2024