النقل العام.. من سيّئ إلى أسوأ

ولاء العنيد:  

أسدلت الحرب خيوط سوادها على مدار السنوات الماضية، في محاولة لنسج شباكها وتضييق الخناق على المواطنين، وفي كل مرة يلتف الخيط على إحدى المواد التي يحتاجها الناس بشدة في حياتهم اليومية والتي أصبحت حاجة ملحة وضرورية لا يمكن الاستغناء عنها للاستمرار في حركة الحياة اليومية. وفي هذه الفترة رمت الحرب خيوط شرّها لإيقاف إمداد البلاد بالمشتقات النفطية، وأهمها المازوت والبنزين، مما سبب أزمة ضخمة جداً في البلاد، إذ لا يمكن تعبئة سوى ٢٠ لتراً كل ٤٨ ساعة، مما أتاح الفرصة أمام جميع الباصات بتعبئة مادة المازوت بشكل عادل ولكنه قاصر عن سد حاجة الناس إلى هذه المادة، ما كان له أثر كبير على حياة المواطنين والسائقين. فبالنسبة للسائقين يرهقهم الانتظار طويلاً أمام منافذ التعبئة ومحطات الوقود وتعطيلهم عن أعمالهم لساعات طويلة، لتعبئة مخصصاتهم. أما بالنسبة للمواطنين فسببت هذه الأزمة زيادة ملاحظة في صعوبة التنقل وإيجاد مقاعد فارغة في الباصات لإيصالهم إلى أعمالهم وجامعاتهم، فمنهم من بات ينتظر في الازدحام لساعات، ومنهم من حاول أن يستقل أكثر من باص أو الاستعاضة بركب سيارات الأجرة، ما يعني زيادة غير مقبولة في مصروف وسائل النقل بات يتحملها المواطن المثقل بضغوط اقتصادية يتعرض لها وتؤثر بشكل مستمر وقاسٍ على سير حياته اليومية، ومنهم من قرر الاستغناء تماماً عن استخدام وسائل النقل العام والتنقل سيراً على الأقدام لمسافات طويلة.

و في هذه الفترة التي تزامنت مع أزمة البنزين التي خفت وطأتها ولكنها لم تنتهِ بشكل نهائي، زاد أيضاً الضغط على استخدام وسائل النقل العام التي لا تستطيع تلبية نصف حاجة المواطنين. أزمة التنقل هذه كان لها الأثر الكبير في تعطيل أعمال المواطنين، وإلى اليوم لم يظهر حلول ناجعة تخفف من هذه المعاناة اليومية، والمواطن بانتظار أن تتدخل الحكومة بشكل أكثر فعالية، كأن تزيد حجم المخصصات للباصات، وأن تخصص منافذ إضافية للتعبئة تخفّف من طوابير الانتظار التي لا تنتهي والتي تسبب ازدحاماً طرقياً في بعض المناطق، أو أن يتم إدراج وتسيير باصات نقل داخلي على جميع الخطوط الداخلية، وبذلك تحل جزءاً لا بأس به من المشكلة التي يعاني منها المواطنون في كل يوم.

وعلى أمل اجتراح حلول تُنهي الازدحام والانتظار وقلة المواصلات العامة القاصرة عن تلبية حاجة المواطنين، يعيش السوريون العذاب اليومي ذاته.

يوماً بعد يوم تصدر عقوبات اقتصادية على بلادنا، تعبّر عن نار حقدهم على السوريين وتحاول إضعاف عزيمتهم التي وقفت بوجه طغيانهم. واليوم من جديد يبرهن المواطن السوري على قدرته على العيش في الظروف الصعبة، ولكن إلى متى سيبقى المواطن قادراً على تحمّل ضغوط جديدة فوق ضغوط الحياة اليومية!؟

العدد 1104 - 24/4/2024