مستقبل التعليم المفتوح بين الثقافة وسوق العمل

وعد حسون نصر: 

التعليم المفتوح هو أحد أنواع التعليم العالي الهامة، إذ إنه يعطي الفرصة لعدد كبير من الطلبة الذين لم يستطيعوا بالالتحاق بالجامعة بعد الدراسة الثانوية مباشرةً، حتى يتمكنوا من استكمال مرحلة التعليم الجامعي في بعض الجامعات والكليات بسهولة. لكن رغم هذا الإنجاز المهم في حياة طالب المرحلة الثانوية الذي لم تخوّله الظروف الالتحاق بالتعليم العالي النظامي أو الموازي أو الافتراضي لأسباب عديدة ربما المعدّل أو الوضع المادي الذي يدفع بغالبية الشباب للعمل، وبالتالي يفضّل التعليم المفتوح لأنه لا يحتاج للدوام، وهذا ما يُساعده على التنسيق بين العمل والدراسة. إلاّ أن هناك انتقادات وعقبات كثيرة واجهت التعليم المفتوح، إذ لم يلقَ الاهتمام العملي المناسب وخاصة في الفترة الأخيرة، إذ يجد الطالب نفسه يدرس ويتعب ويدفع المال وهو في حالة (احتياطي) في سوق العمل بعد الطالب النظامي والموازي، على اعتبار أن هذا النوع من التعليم بمثابة ثقافة فقط، وطلاّبه أقلّ درجة من التعليم النظامي على الرغم من أن طالب التعليم المفتوح يدخل القسم برغبة منه ويدفع مبالغ مالية غير قليلة مقابل التعليم، ولا ينقص بشيء عن الطالب النظامي، كذلك يتحمّل مشقّة دوام يومين فقط بالأسبوع لمنهاج مُكثّف في يومي عطلة وراحة لمن يعمل ويدرس معاً، رغم أنه يستحق الراحة بيوم عطلته، وطبعاً سبب الدوام أيام العطل لطلاب التعليم المفتوح هو عدم توفر مبنى خاص لهم منفصل في الجامعة، وبالتالي هم مضطّرون للدوام الجامعي أيام العطل، ممّا يُشكّل عبئاً عليهم وعلى  المُحاضرين من الدكاترة. ولا ننسى معاناة خريجي الترجمة بعد دراسة أربع سنوات وبعد دفعهم مبالغ طائلة من المال يجدون أنفسهم مُغيّبين عن سوق العمل وخاصة التدريس، ولا فرصة لهم لنيل حقهم من شهادة تطلبت منهم أربع سنوات تعب، إذ يأتي تبرير وزارتي التعليم العالي والتربية بأن المنهاج المدرسي في كل مراحل التعليم يستلزم أو يستوجب خريجي الأدب الإنكليزي، لأنه الاختصاص الأشمل لقواعد تعلّم اللغة وطريقة القراءة والكتابة والمحادثة، بينما خريجو الترجمة مختصون بالترجمة حصراً، والأصل فإن اختصاص الترجمة مطلوب لدى وزارات أخرى مختلفة بعيدة عن التعليم، إضافة إلى العمل في مجال الترجمة.

ويبقى القول على الرغم من كل العقبات التي تواجه التعليم المفتوح وطلاّبه إلاّ أنه يُعتبر خطوة مهمة في مجال الاستمرار في العملية التعليمية، خاصة لمن فاتتهم الفرصة للالتحاق بالتعليم العالي لظروف مختلفة، فكان التعليم المفتوح بمثابة المُنقذ لهم والداعم نحو تحقيق هدف وطموح منشود غيّبه الواقع. وأخيراً، لا بدّ من مساواة طالب التعليم المفتوح مع غيره من طلاّب التعليم العالي، لأن طالب التعليم المفتوح دخل الجامعة برغبة مطلقة ولغاية منشودة هي تحسين وضعه للأفضل، وطموح يرغب أن يحقّقه بنيل علم وشهادة تجعله يسمو بنفسه وبالمجتمع للتقدم نحو الأفضل.

العدد 1104 - 24/4/2024