فرص التعليم المفتوح تنغلق إلاّ باتجاه الطبقة المخملية

سامر منصور: 

“هل القضاء بخير؟ هل التعليم بخير؟ قالوا: نعم. فقال: إذاً، نحن بخير. هذه المقولة الشهيرة لونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، جاءت كجملة اعتراضية في أحد الاجتماعات التي تناقش وضع بريطانيا في الحرب العالمية الأفظع على الإطلاق.. تدلنا هذه العبارة على أهمية التعليم وتنشئة أجيال جديدة، وهنا نتساءل عن التعليم في سورية، ونخصُّ منه التعليم المفتوح بحديثنا.. ما هي أهمية التعليم المفتوح؟

بدايةً لابدَّ من الإشارة إلى أن نشر العلم هو ثقافة عالمية في العصر الحديث ومسعىً لجميع الدول، ويُعدُّ فتح أبواب التعليم العالي لأكبر عدد ممكن من الناس مؤشراً إيجابياً في أي دولة، خاصة الدول التي يُعدُّ دخول عدد من الكليات الهامة كالطب وغيرها مسألة صعبة جداً بسبب الدرجات شبه الكاملة التي يتوّجب على الطلاب تحصيلها.. وبما أننا في التاريخ المعاصر في سورية لدينا باع في مسألة هجرة العقول والكفاءات، وبما أن حكوماتنا تُعدُّ من أفشل حكومات العالم في مكافحة الفساد، إذ تحتل سورية أعلى المراتب فيه نسبة إلى كل دول العالم.. كل هذا يجعل من فتح مجالات لولادة كفاءات علمية جديدة ضرورة تعيها وتضطلع بها الدولة السورية.. لكن السؤال: هل محور الاهتمام هو زيادة اتساع شريحة خريجي الكليات؟ أم تحقيق إيرادات ضخمة للدولة.. خاصة وأن التعليم المفتوح يجني رقماً فلكياً سنوياً؟ فمثلاً لماذا يُكسر طوق التغذية الراجعة عبر جعل عائدات التعليم المفتوح الهائلة خارجة عن متناول وزارة التعليم العالي، فهي تذهب إلى وزارة المالية، وكان الأولى أن تُخصَّص كلها لتطوير الكليات ومختبرات كليات العلوم التطبيقية.

 

كيف يُعامل طلاب التعليم المفتوح؟

كثُرت الشائعات حول مصير حملة شهادات التعليم المفتوح وهل سيعاملون معاملة سائر الخريجين؟ لن أنسى يوماً حوار دار بيني وبين أحد أصدقائي من طلاب الدفعة الأولى للتعليم المفتوح (دراسات قانونية) والذي أظهر لي علبة تبغ أجنبية وقال لي: انظر إلى التحذير المكتوب وإلى الصورة المُفزعة لرئة من يتداول هذا المنتج.. هل ترى كيف يضعونك في صورة الوضع بكل السبل.. حتى الأُميّ يستطيع من خلال الصورة فهم المسألة.. بينما أنا طالب أتبع لوزارة التعليم العالي وأعيش ضبابية تجاه أهم محور في حياتي، والذي أُسخّر له كل طاقتي ألا وهو شهادتي الجامعية.. ثم أردف قائلا: (والله أهلي جماعة دراويش وعم نحط القرش فوق القرش لحتى أجمع الرسوم المالية)، ثم تساءل: لماذا لا يكونون على بيّنة تجاه كل ما يخص مستقبلهم؟ وختاماً، لابدّ من الإشارة إلى جودة التعليم العالي في سورية نسبة إلى الإمكانيات المتواضعة من حيث التجهيزات وأجور المدرسين.. وإلى الفرص الكثيرة التي تُعطى للطلاب المستنفذين ممّا ينمُّ عن حرص ومرونة تجاه طلبة العلم، ولعلَّ سياسات الحكومات المتعاقبة تجاه التعليم في سورية ناجعة ومنصفة، ولكن تبقى تساؤلاتنا السابقة في انتظار الإجابات.. لاسيما أن تصاعد رسوم التعليم المفتوح في سنوات الحرب التي تراجعت فيها أحوال الناس نحو الفقر والبؤس يجعل المستفيدين من هذا الفضاء التعليمي من الطبقة المخملية دون غيرها، ممّا سيساهم في تراجع أعداد قاصديه رغم تنامي هجرة الكفاءات في سورية.

العدد 1104 - 24/4/2024