أمهاتنا ومعلمونا.. جذور متشبثة فينا

إيمان أحمد ونوس:

مثلما تشبّثت في حياتي وذاكرتي أمي وتعاليمها ووصاياها، كذلك تشبّثت في ذاكرتي صورة وتعاليم بعض مدرّساتي وأساتذتي.. فهي وهُنّ كيان لم تنفصم عراه في روحي أبداً.. منهم استقيتُ المعرفة والمفاهيم والقيم، مثلما استقيتُ الحياة بكل تشعباتها ومتطلباتها وما تريده مني أو أبتغيه منها. ورغم أن أمي أميّة بالأبجدية، لكنها وأساتذتي زرعوا في كياني حبّ الحياة والعلم والثقافة، ورسموا في روحي وفكري خطوطاً لا يمكن أن تُمحى رغم مرور العمر.

الأم هي المعلّم الأول في الحياة، فمنذ أن تُنتش في رحمها بذرة جنين، تراها دائمة التفكير بالوافد الجديد، كيف سيكون، وكيف ستربيه ليكون حامل رسالتها في الحياة، وما إن تُبصر عيناه النور حتى تحتضنه بين ذراعيها بدفء يرافقه طوال العمر، وتمدّه بمعارف ومبادئ وقيم لا تفارقه ما دام على قيد حياة وفعل، ليكون حقيقة إنسان بكل ما تعنيه الإنسانية من قيم وأخلاق وعلم.

أمّا المعلّم/ ة، فهما الأبوان الروحيان للطفل حين يلج دائرته الثانية في المجتمع: المدرسة. المعلم أبٌ والمعلمة أمٌّ للطالب من حيث الرعاية والاهتمام والحنان، وأيضاً الحماية التي يفتقدها بخروجه من البيت، بما يمنحانه من حب وقيم ومعارف تُنمّي مداركه في سنواته الأولى التي تتشكّل فيها شخصيته، يُضاف إليها مختلف أصناف العلوم التي يحتاجها في سنواته اللاحقة والتي تعمل على بلورة أفكاره وقيمه التي تبني شخصيته النهائية خدمة لذاته ولمجتمعه وللحياة.

لذا، ليس من قبيل المُصادفة أن يجتمع هذا العام وفي يوم واحد عيد الأم وعيد المعلم معاً، وليس بالغريب أن نحتفي بهما على قدم المساواة، لأنهما غرسا فينا كل ما نحتاجه ونتطلّع إليه ونحن نغزُّ الخطا على دروب الحياة والحضارة والفكر الإنساني الراقي.. فلهما كل التقدير والشكر والعرفان.. وكل عام وأمهات سورية ومعلموها ومعلماتها بخيرٍ وأمل وحب.

العدد 1104 - 24/4/2024