لأنك امرأة.. أنت العيد

وعد حسون نصر:
لا تُختصر معاناة المرأة بيوم واحد نذكر فيه أفضالها على المجتمع، لأن كل يوم من أيام المرأة هو رواية لمعاناة مع اختلاف المكان والزمان والسرد والحبكة، ومن وجهة نظري الشخصية تبقى المرأة الريفية أشدُّ النساء معاناة من حيث الجهد النفسي والعضلي، فهي تعمل في المنزل والحقل وبيع المنتج دونما أيّ تقدير، لأن العقلية الشرقية في الريف ما زالت ترى أن المرأة كائن يقع على عاتقه كل شيء، وهي أقلُّ منزلة من الرجل رغم تحمّلها المسؤولية وعبء العمل بمراحل تفوق ما يحمله الرجل الريفي.
فمنذ سنين ونحن نناقش معاناة المرأة ولم نخلص إلى المساواة الكاملة بينها وبين الرجل من حيث الشهادة في المحاكم، فشهادتها ناقصة أمامه وهي بحاجة إلى امرأة أخرى في الشهادة لتوازي شهادة رجل واحد. كذلك في الميراث كل امرأتين بحصّة رجل واحد، وفي الحضانة مازالت المرأة محكومة برقم زمني مُحدد لحضانة أولادها، وفي الوصاية لا يحق للمرأة أن تكون وصيّاً على الأولاد وخاصةً في البنوك وما يخص فتح حساب للطفل. ولا ننسى في مجال العمل أن الكثير من النساء محجّمات بمراكز معينة نتيجة العقلية المسيطرة عند بعض الذكور، وكثيرات يتعرّضن لمضايقات كثيرة وخاصة إن كانت رئيسة قسم أو دائرة، والبعض يرفضها.
كما أن المرأة حتى زماننا هذا، رغم الانفتاح على الحضارات الأخرى ورغم أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت العالم قرية صغيرة، ما زالت تعاني من التمييز داخل الأسرة وفي المجتمع، لأن أنوثتها بنظر البعض تقتصر على صوتها المنخفض ومظهرها الجميل ولباسها، وهي فقط وجه حسن لليلة حمراء عند البعض.
فإذا أردنا أن نُنصف المرأة بيوم يُسجّله التاريخ عيداً لها، علينا أن نقتحم مكامن الجهل والفقر في بيوت النساء المعنّفات في المناطق النائية، وأن نقضي على الأمية المعششة بالفكر، نقضي على الجهل وعدم المعرفة، نُطلعهن على حقوقهن بالتعلّم والعمل المحترم، حق المظهر الحسن، حق الرائحة العطرة، نخبرهن كم هنَّ نساء رائعات، نردم فجوة التمييز بين الذكر والأنثى في كل الحقوق، من الميراث، إلى الحضانة، إلى العمل، إلى تبوّؤ المناصب، كذلك ردم التمييز بين المرأة والمرأة نفسها، فكل نساء الأرض سواسية بالأمومة، بالعواطف، بالعطاء، بالجمال، بالنسمة الدافئة من عطر الأنفاس، فلا امرأة تفوق امرأة إلاّ بكسر قيود عبوديتها. فليكن لنا عيد عندما نُنصَف بقوانين عادلة. وليكن لنا يوم هو يوم عدم التمييز. حينئذٍ نقول إنه يوم المرأة الحقيقي وعيدها المنشود.

العدد 1105 - 01/5/2024