شو عم يصير | (حاجي نقّ)!

مادلين جليس:

ما يحدث وما لا يمكن تصديقه، أنّ الجزيرة الغريبة التي يعيش عليها المواطن السوري، تمتلك ميزات نسبية مطلقة تجعل منه مواطناً صنديداً من الدرجة الأولى، غير أنه لا يدرك القيمة الحقيقيّة لكل ما يمرّ به من أزمات.

فعلى الرغم من الشكاوى الكثيرة من زيادة ساعات التقنين، وانقطاع الكهرباء حتى في ساعات مجيئها، إلا أنّ السوريين باتوا يومياً يسمعون ويقرؤون ويَرون حوادث احتراقٍ بالكهرباء، راح ضحيّتها العشرات إلى الآن، في جميع المحافظات.

وعلى الرغم من الشحّ الكبير بالمياه الذي عانى منه الكثيرون، ولجوئهم إلى شراء المياه من الصّهاريج ودفعهم، لتأمينها، الثّمن الكبير، إلا أنّه وحين جادت السماء بالأمطار، لم تمضِ ساعات قصيرة حتى سُجّل غرق عدد من الأشخاص، ووفاتهم بسبب ذلك، عدا انهيار بعض البيوت، وجرف الطرق، ومصائب لها أوّل وليس لها آخر.

كما كان لحوادث السير نصيبٌ من هذا المواطن (الجاحد)، فعلى الرغم من شكواه الدائمة من قلة وسائل النقل والانتظار لساعات قبل الحصول على مقعد في سيرفيس أو باص نقل داخلي، إلا أن حوادث الطرق استطاعت أن تنال من الكثيرين، معلنة انتهاء معاناتهم مع وسائط النقل.

كل هذه الأحداث التي نسردها تستوجب منّا تقديم نصيحة لهذا المواطن بالإقلال من النق والإلحاح، وعدم الإكثار من الطلبات، التي لا يعلم إلا الله أنها ما نقصت إلا لتزيد في عمره، فكل ما ينقصه من خدمات وطلبات إنما ينقص لمصلحته ومصلحته فقط، فتخيلوا لو أنّ الكهرباء تأتي أربعاً وعشرين ساعة من أصل أربع وعشرين، تخيلوا الكم الهائل من حوادث الاحتراق التي كانت ستحدث، والتي استطاعت الوزارة العزيزة درءها بهذه الانقطاعات الرحمانية (اضربوا العدد باثنين فقط وتعوذوا من الشيطان الرجيم!).

تخيلوا لو أنّ وسائط النقل متوفّرة بكثرة، أما كانت ازدادت حوادث السير وازداد عدد المتضررين منها سواء بالإصابة أو الوفاة، وتخيلوا_ لا سمح الله_ أن المياه لا تنقطع أبداً، وأننا ننعم بمياه وفيرة إلى درجة تغرق بيوتنا وشوارعنا وأحياءنا.

هل تتخيل أيها المواطن العزيز كم تحاول مؤسساتنا ووزاراتنا أن تدرأ الخطر عنك وعن عائلتك؟ هل لك أن تتخيل كم تكف يد الحوادث عنك، وأنت لا شغل لك ولا مصلحة إلا النق والطلبات، والشكوى التي لا تنفع ولا تغني، فاتّقِ الله أيها المواطن، وكُفّ عن الشكوى، فــ (الشكوى لغير الله مذلّة!).

العدد 1104 - 24/4/2024