هل يستطيع وزير التربية إصلاح ما أفسده السابقون!؟

رمضان إبراهيم:

لا اعتقد أنني أتجنى على أحد إن قلت بأن الواقع التربوي والتعليمي في بلادنا يسير على الطريق الصحيح الذي يرفدنا بأجيال صحيحة نفسياً وبدنياً وتربوياً وتعليمياً.

فمن خلال القرارات والتعاميم التي صدرت في ظل الأزمة وقبلها بقليل تم إفراغ العملية التربوية والتعليمية من مضمونها، وباتت هذه العملية في مهب الريح تتناهشها تارة أطماع بعض المدرسين في كسب أعداد كبيرة لمعاهدهم الخاصة أو لبيوتهم، وتارة تقاعس قسم آخر عن العطاء في المدرسة للغاية نفسها.

المتابع للواقع التعليمي يستطيع أن يقرأ على السبورة الكثير من التجاوزات والتراكمات والأخطاء التي لا يمكن اغتفارها، فمن لجان تطوير المناهج ووجود طبيب بيطري مسؤول مباشرة عن ذلك، إلى التعديلات والتحديثات التي يتم وضع تصويبات عليها قبل أن يجف حبرها، إلى واقع المدارس وحال الأثاث، إلى عدم التزام الطلاب باللباس المدرسي وظهور صرعات وتحديثات وتحويرات على هذا اللباس وانواع من الموضة تارة الممزقة وتارة القصيرة وأخرى ما لا يمكن للإبرة أن تسلك تحتها لتظهر الطالبة وكأنها عارضة أزياء أو راقصة في ملهى. وغير بعيد عن كل هذا ظهرت لدى الطلاب الشباب أيضاً صرعات قص الشعر وضرب الحاجب والوشم والتباهي بأنواع علب التبغ او حتى صور الموبايلات أو التشفيط أمام المدارس بالسيارات أو الدراجات النارية بعيداً عن كل ضابط أخلاقي أو رادع قانوني.

إن ما حدث مؤخراً في بعض المدارس بطرطوس أو اللاذقية ينذر بأن القادم أخطر على التربية وعلى التعليم، فهل من المعقول او المقبول أن نحول مدارسنا إلى ما يشبه الثكنات العسكرية لحماية الكادر التدريسي والطلاب من بعض الأشخاص الخارجين عن القانون وعن الأخلاق وعن الآداب العامة!؟ كيف لعاقل أن يسمح لبعض (الزعران) ان يسيئوا إلى قداسة التعليم وكرامة من ينشئون الاجيال ويرفدونهم بالعلم والمعرفة!؟ هل يتحمل بعض المعلمين المسؤولية في انحدار مستوى الاحترام لهم من قبل الطلاب!؟

ربما ومن باب الإنصاف فإن ضيق الحال والوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي نمر به منذ أكثر من ثماني سنوات ترك ظلاله القاتمة على الدخل، وأصبح رب الأسرة مطالباً بالبحث عن مصادر دخل أخرى قد يكون أحد أشكالها الدروس الخصوصية بالنسبة لمن يعمل في مجال التعليم.

أعتقد أن هذه الاشكالية لها عدة جوانب قد تساعد في إضعاف مكانة المعلم لدى الطالب. من هذه العوامل نظرة أهل الطالب إلى من يعطي ولدهم سواء أكان ذلك في معهد خاص أو في منزل الطالب أو منزل المعلم، وهنا أود الاشارة إلى أن أبشع المظاهر التي قد نراها تتجلى في قدوم المعلم إلى بيوت الطلاب وفي أوقات يحددها الطالب أحياناً! هنا الكارثة الكبرى، إذ يصبح المعلم وكأنه يعمل لدى الطالب ومع دفع ما يترتب لا يبقى لهذا المعلم في قلب الطالب أية هيبة أو احترام، بل تصبح العلاقة غير صحيحة على الإطلاق. وهنا يمكنني أن أقول بأن هذه النماذج هم من ساهموا في إسقاط الاحترام والهيبة لهم، فهل الإجراءات والقرارات الأخيرة التي صدرت بعد تغيير وزير التربية والمتضمنة مداهمة بيوت المعلمين للبحث عن طلاب يتلقون الدروس الخصوصية هي الحل الناجح، أم أن هناك طرقاً أكثر رقياً وتبقي الاحترام والهيبة للتعليم في مكانة عالية، وقد يكون أحدها زيادة رواتب المعلمين وفرض غرامات وعقوبات رادعة لكل من يضبط وهو يقوم بإعطاء دروس خصوصية.

أعتقد أننا اليوم أحوج ما نكون إلى إعادة تقييم واقع التربية والتعليم في ضوء ما مرّ على البلاد خلال سنوات الحرب، فهل ينجح الوزير الجديد في ردم الهوة الكبيرة وإعادة قطار التربية أولاً والتعليم ثانياً إلى السكة الصحيحة!؟ هذا ما نأمله ونرجوه، فهل سنرى ذلك في القادم من الإجراءات؟!

العدد 1104 - 24/4/2024