رغم الخوف من دماره سنعود إليه

ولاء العنيد:

إن التنقل بوسائل النقل العام يفتح لك المجال، بشفافية ووضوح، لسماع قصص وأحداث ومشاكل يعيشها المواطن السوري، بكل ما تحمله من غصّات وآهات وآلام. نقاشات تدور بين الركاب حيناً، وبين السائق وأحد الركاب حيناً آخر، وبين متابع ومشارك تزدحم الكلمات وتعلو الأصوات بين موافق ومعترض.

إحدى هذه المشكلات التي يتجاذب الناس أطراف الحديث فيها مسألة عودتهم إلى بيوتهم التي هجروها والتي فارقوها طوال سنوات الحرب، والتي نالت ما نالته من هدم وتدمير، فمنها ما دُمِّر بشكل كامل ومنها ما تداعى ومازال واقفاً ينتظر لجنة من المهندسين التابعين لبلدية المنطقة التي يسكنونها، ليصدر حكم في أن البناء صالح للسكن أو أنه آيل إلى السقوط. وبينما يمضي الوقت في انتظار اللجان المختصة يعود المواطنون إلى منازلهم شبه المدمرة هرباً من قسوة الأوضاع الاقتصادية وضغط تأمين إيجار البيوت التي يقطنونها منذ أن هجروا منازلهم.

ومع شعور السعادة الذي يرافق المواطنين عند عودتهم، يوجد خوف من حال البناء الذي يسكنونه، فمنهم من لا يعرف أن وضع البناء لم يعد صالحاً للسكن ورغم ذلك عادوا إليه.. ومنهم من كان يعلم جيداً أن تقرير لجنة المهندسين أن البناء يخشى سقوطه في أي وقت ويمنع عودة سكانه إليه حرصاً على حياتهم، ومع ذلك لوحظ أن الناس عادوا ليسكنوا في بيوتهم، ومنهم من بدأ في إنشاء طوابق إضافية جديدة في البناء ذاته الذي تداعت أساساته دون خوف أو رادع.. فأين الحكومة من هذا كله؟

آلا يجدر بالحكومة السورية مراقبة عملية عودة المواطنين إلى بيوتهم ومساعدتهم في ترميم منازلهم إن كانت قابلة للترميم، أو تأمين بديل يناسب أوضاعهم المالية؟ والإسراع في إرسال اللجان الهندسية للكشف عن حالة الأبنية، ومنع عودة الناس إليها إن ثبت أنها مهددة بالسقوط، إضافة إلى مراقبة عملية إعادة الترميم والبناء غير المرخصة.. ومراقبة اللجان الهندسية للحرص على كتابة تقارير صحيحة لا يراعى فيها مصالح تجار الأزمات وأصحاب النفوذ.

لقد عاش المواطن السوري كثيراً من المعاناة وصمد بوجه هذه الحرب الظالمة، لا لينتهي الأمر به بالعودة إلى بيت، احتمال سقوطه كبير، وهو لا يعلم ما إن كان منزله سيهدم أم لا.

كفانا إهمالاً لحياة المواطن! ولنكن أكثر حرصاً وخوفاً على من وقف إلى جانب وطنه.

العدد 1104 - 24/4/2024