الولد لا يُربي ولداً.. انضجوا ثم تزوّجوا!

سامر منصور:

الزواج في بلداننا العربية هو معادلة مُعقّدة تهدف لإرضاء تطلعات المعني بهذا الرابط وأسرته ومجتمعه، فالزواج قد يحقق قفزة نوعية في المستوى الطبقي للفرد من خلال شريكه، وقد يُكرّس وجوده في طبقة معينة، وهذا كله يؤخذ بعين الاعتبار بالنسبة للوالدين على وجه الخصوص ممّا قد يقود إلى زواج عن غير قناعة، ما يساهم في تعزيز نسب الخيانة الزوجية والمشاكل الأسرية. ولكن ما طرأ في الأحداث الدامية المترافقة بغلاء معيشي كان الأخطر، فإضافة إلى تعزيز هذه الظاهرة، ظهر الزواج المبكر بنسبة أكبر، فالشبّان لا يضمنون حياتهم في ظروف الحرب والعدوان الخارجي على سورية، لذلك يسارعون إلى الزواج من الطبقة الفقيرة، وبحكم انغماسهم بالمهام العسكرية لا يُتاح لهم دراسة الطرف الآخر خلال فترة الخطوبة، بسبب ندرة اللقاءات واستعجال الارتباط كمتنفس وسط الحياة القاسية وكمصدر استقرار وحنان وسط حياة الارتحال من جبهة إلى جبهة.

وتُشكّل اليوم وسائل التواصل الاجتماعي فضاء التواصل الأوسع بين الجنسين بكل ما تحمله تلك الوسائل من سلبيات. وكما أسلفنا يشعر الشبّان أنهم مهددون بحياة قصيرة، لذلك يختزلون مرحلة الخطوبة رغم أهميتها. كما أن نسبة المطلقات ممّن لم تتجاوز أعمارهن الخامسة والعشرين عاماً تضاعفت أضعافاً عمّا كانت عليه قبل الحرب.

نحن باختصار أمام فتيان ينجبون أولاداً، وهذا ما سيكون له آثار سيئة جداً على الصعيد التربوي. وقد سمعت العديد من الشبّان الذين لم تتجاوز أعمارهم اثنين وعشرين عاماً من العسكريين يشكون من كونهم لم يشهدوا ولادة أطفالهم، وأن أطفالهم يعاملونهم كأيّ زائر غريب كون الإجازة شهرية وقصيرة في معظم الأحيان. ورغم أن نسب الزواج المبكر ازدادت بين الفقراء كالزواج بين المهجرين والنازحين في دول الجوار… الخ، إلاّ أن سنّ الزواج تقدم بالنسبة للجامعيات ولفتيات الطبقة الوسطى، ووحدهم ضعيفو القيم والتربية من الفاسدين والمعفشين وما شاكلهم هم من تيسرت أمور زواجهم.

وأمام هذه الحرب الطاحنة قد لا يسع الدولة أن تقدم الكثير لمن يرغب بالزواج، لكنها بلا شك المسؤول الأول عن الرعاع الذين انتقلوا إلى الطبقة المخملية في سنوات الحرب، وعن اتساع الهوة الطبقية عموماً، وهذا الاتساع عامل مساهم في الخلافات الأسرية والطلاق، أعني الوثبة السريعة لعدد ليس بالقليل من الذكور من الطبقة الدنيا والوسطى إلى الطبقة المخملية.

إن كون الأنثى كائن حساس ورقيق وتضاعف مجهودها تجاه الأسرة وسط غياب الشرفاء، لانهماكهم بالنضال ووسط انشغال الفاسدين بفسادهم، فهي اليوم باعتقادي الضحية الأكبر، إذ تفتقد للعون والسند اللائق في معظم شؤون الحياة رغم كونها تحظى بزوج.

العدد 1105 - 01/5/2024