كوارث العواصف الطقسية على بلدنا… من يعوّض المزارعين؟؟

 سليمان أمين: 

حال المواطن السوري اليوم أسوأ من الأسوأ، فكل الاتجاهات تحمل معها مصائب وهموماً جديدة منطبقاًعليها  مثل الأجداد بقولهم: (من وين بدك تلاقيها لتلاقيها، كيف ما برمت بيطلعلك مشكلة!) على الأحفاد الذين يعيشون واقعاً كارثياً ومؤلماً، فمن كوارث الأزمات الحكومية التي لم ولا تلقى علاجاً وحلولاً، إلى عواصف كانون الباردة التي سجلت أرقاماً كارثية هذا العام بالنسبة لخسائر المزارعين والمواطنين وخسائر أخرى كثيرة، إضافة إلى البرد الشديد الذي يعاني منه المواطنون في ظل غياب أبسط وسائل التدفئة من مازوت و كهرباء وغاز ..الخ ، ومن خلال متابعتنا لنتائج العواصف الطقسية الأخيرة رصدنا كم الخسائر في أغلب المدن السورية .

فقد تسببت العواصف الطقسية بوفاة عدد من المواطنينوإصابة آخرين، إضافة إلى أضرار مادية عديدة نتيجةالحوادث المرورية التي وقعت نتيجة سوء الأحوال الجوية، كما تسببت بأضرار كبيرة جداً في القطاع الزراعي إضافة إلى تلف العديد من المحاصيل الزراعية، وخاصة في المناطق الساحلية .

 

خسائر الحمضيات

حسب بيانات مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في اللاذقية فإن العاصفة المطرية التي شهدتها المحافظة خلال الأيام الماضية تسببت بتساقط أصناف من الحمضيات غير المجنية عن الأشجار في مناطق متفرقة من المحافظة وبنسب متفاوتة،فقد تراوحت نسبة الأضرار في الثمار المتساقطةبين 1 و 3 بالمئة من صنف اليافاوي وحتى 25 بالمئة من الثمار المتبقية من صنف البوصرة ،كما أن نسبة الأضرار في صنف البلانصيا تتراوح بين 2 و 3 بالمئة. أما في طرطوس فطلبت المحافظة من الجمعيات الفلاحية المنتشرة التعاون مع الفلاحين لجمع ثمار الحمضيات المتساقطة، وسخرت آليات القطاع العام لنقلها مجاناً إلى أسواق الهال التي تختارها الجمعيات داخل المحافظة أو خارجها،وقد وفرت على المزارعين أجور نقل 25 ليرة سورية لكل كيلوغرام، وهذا التوجيه جاء دعماً لمزارعي الحمضيات والتخفيف من الأضرار التي لحقت بمحصولهم.

 

خسائر الزراعات المحمية
أما بالنسبة لخسائر البيوت البلاستيكية فقد تركزت الأضرار في منطقة برج إسلام وفي جبلة وريفها، فالزراعات المحمية تتركز في هاتين المنطقتين بالنسبة للاذقية، فقد بلغ عدد البيوت المتضررة بسبب تطاير شرائح البلاستيك 100 بيت في برج إسلام و11 بيتاً في جبلة.

أما بالنسبة لمدينة طرطوس التي تشتهر بالزراعات المحمية فقد تركزت الأضرار في المنطقة المحاذية للشريط الساحليالممتد من مدينة بانياس إلى النهر الكبير الجنوبي، وليس هناك رقم إحصائي واضح للخسائر الكبيرة، فقدكانت الأضرار بالغة وكبيرة لحقت بمحاصيل الزراعات المحمية أدت إلى تلف المحصول، وتحول الأراضي الزراعية إلى مستنقعات للمياه لا تسمح للمزارع بقطفها.
والمناطق التي كانت أكثر ضرراً من العاصفة على مستوى المحاصيل الزراعية هي قرى يحمور والقبيبة وسمريان وسمكة وجديدة البحر والمناطق المجاورة. في منطقة حريصون والقلوع ومنطقة سهل عكار وسهل ميعارغمرت مئات الدونمات من الأراضي الزراعية في قرية البصيصة،بني نعيم والجويمسة.
وقد تعرضت البيوت البلاستيكية لأضرار كبيرة، إذ تحتوي طرطوس وبانياس، على 977 بيتاً بلاستيكياً، تزرع فيها (البندورة،خيار، باذنجان، كوسا، فليفلة، فاصوليا،فريز) تراوحت أضرارها مابين 50 % و100%،وتركزت الأضرار بخلع الريح القويةللحديد في عدد من البيوت البلاستيكية وتمزيق ونزع الأغطية البلاستيكية،إضافة إلى تلف المزروعات التي بداخلها.
وقد وصلت خسائر المزارعين إلى ملايين الليرات، كما تعرضت الخضراوات الشتوية المكشوفةلتلف كبير أيضاً بسبب غمرها بالماء.

سهل الغاب ومنطقة مصياف

غمرت مياه الأمطار مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في سهل الغاب ومنطقة مصياف الشمالية المحاذية لقنطرة العشارنة، فقد بلغت المساحات المغمورة في سهل الغاب5900 هكتار، مما أدى إلى تعرض المساحات المزروعة للضرر بنسبة تتراوح بين 25 إلى 35% ، وأغلب الزراعات شوندر سكري وقمح وحمص وغيره من المحاصيل الزراعية الشتوية،وقد تراجعت المياه من المصارف إلى الأراضي الزراعية نتيجة زيادة كميات المياه الناتجة عن الأمطار وغزارة تدفق الينابيع عن إمكانية تصريف هذه المصارف للمياه،وقد شمل الغمر مساحات من الأراضي الممتدة من قرى طاحون الحلاوة – نبع الطيب وإلى الشمال والشرق حتى أطراف الغاب الشمالية الشرقية بجوار المصرفين A و B وجزء من أراضي قرية الحوائق وشمال سلحب بالطرف الجنوبي من سهل الغاب.

وقد تراوحت نسب الغمر كالتالي:
مساحة الأراضي الزراعية التي تعرضت للغمر الكامل بلغت 2400 هكتار.

مساحات الأراضي الزراعية التي فيها غمر جزئي 3500 هكتار كما وصلت مساحة 6500 هكتار إلى مرحلة الإشباع بالمياه.
لم يكن القطاع الزراعي وحده في ميزان الخسائر الكبيرة التي سببتها عواصف كانون المطرية، بل تعرضت معظم الشبكات الكهربائية لضرر كبير، بسبب قوة الرياح وغزارة الأمطار مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق لساعات طويلة تخطت 24 ساعة، كما سجلت بعض الأنهار فيضانات أدت إلى كوارث أخرى في الأبنية، فنهر الغمقة في طرطوس شهد فيضاناً كبيراً بمسافة تجاوزت 12 متر على كل جانب من جانبيه، مما أدى لدخول المياه إلى عدد من المنازل، كما تأثرت الطرق ببعض المناطق الجبلية فوقعت انهيارات في التربة وتهدمات.

أما بالنسبة للسدود فقد امتلأت معظم السدود نتيجة الغزارة المطرية، وسيكون لنا في القادم تقرير خاص عن إحصائيات الموارد المائية لمخزون السدود.

 

أخيراً

موسم الخير يفيض بأمطاره وبرده القارس، ولكن من يعوض أضرار مزارعينا الذين لا حول لهم ولا قوة سوى محاصيلهم التي ذهبت مع الريح والمطر، هل تصحو وزارة الزراعة ومعها الحكومة لتقف مع الفلاحين وتمنحهم ما يعوض القليل من خسارتهم؟ أم تبقى قيد النوم وعدم السؤال؟!

أما حان الوقت ليصبح لدينا وزارة مختصة بالكوارث، تضع خططاً وبرامج لدرء والحدّ من الكوارث التي تسببها الطبيعة والمُناخ الذي يشير وفق الخرائط العالمية إلى تبدلات كبيرة خلال السنوات القادمة؟!

العدد 1104 - 24/4/2024