عفوا سيادة الوزير .. استيقظ لو سمحت !!

رمضان إبراهيم:

لم يعتد المواطن في سورية على الطرق الحديثة والتصريحات الفيسبوكية والتغريدات وغيرها التي بات يتحفنا بها بعض الوزراء بين حين وآخر، من منطلق التكرّم علينا بأموال ليست من جيبه او عرق جبينه، بل هي من موارد بلادنا وخيراتها التي جاع أجدادنا وآباؤنا وجعنا نحن وسوف يجوع أبناؤنا كي تبقى.

واللهجة التي باتت على ألسنة بعض الوزراء في هذه الحكومة باتت مقزّزة ومنفّرة للمواطن، لدرجة أن هذا المواطن لم يعد يطيق منظر هذا الوزير أو ذاك، فهل من المنطقي ان يكون موضوع ما يسمى الدعم الحكومي هو العصا التي يشهرها علينا البعض، كلما طالبنا بأبسط حقوقنا المعيشية؟!

هل نخطئ يا معالي الوزير المتخم من مناصبك التي تبوأتها من محافظة إلى محافظة ومن وزارة الى وزارة، وكأنما عقمت النساء ولم يعد سواك للنهوض بواقع الوزارات، عندما نطالب بالحصول على أسطوانة غاز، لنحضّر الطعام على بساطته لأولادنا العائدين من مدارسهم أو جامعاتهم!!

هل نخطئ عندما نصرخ في وجوهكم الكالحة بأننا لم نعد نتحمل البرد في ظل توفر بطاقاتكم الغبية ونقص الوقود!؟

هل نخطئ عندما نصرخ علّنا نوقظ فيكم الضمائر المتصلة والمنفصلة كي نسير في شوارع مضاءة لا ننهض من حفرة كي نقع في أخرى، وأنتم المحاطون بكل أنواع الكلوبات والثريات والزينة في بيوتكم وقصوركم!؟

هل نخطئ عندما نطالبكم برغيف جيد لا نبتلعه مع رائحة المازوت والفحم والحموضة وعدم النضح، وأنتم تتلذذون بأفخر أنواع الخبز السياحي المحلى بالسكر والمدعم بالحليب!؟

هل نخطئ يا معالي الوزير عندما نقضي أيام السنة ونحن بجانب شجرة التفاح وشجرة الليمون، نعطيها من عرقنا ودمنا ووقتنا وصفاء روحنا، كي تتلذذوا بطعم شرابها وعصيرها في سهراتكم ومكاتبكم، أنتم ومن والاكم ونحن نجني الفتات من ثمنها ومن تعب السنين!؟

عفواً يا معالي الوزير!

أنتم من تستفيدون من كل الامتيازات والدعم الحكومي، ومن كل أنواع الرفاهية، فلا أعتقد أنكم تنتظرون ساعات طويلة على محطات الوقود كي تحصلوا على 20 لتراً من المازوت للتدفئة، إذ تعمل التدفئة المركزية والشوفاجات والمكيفات في مكاتبكم وبيوتكم على مدار الساعة!

ولا أعتقد أنكم تنتظرون على منافذ بيع الأفران لساعات تحت المطر أو في حر الصيف كي تحصلوا على ربطة خبز بوزن ناقص تعجزون عن ضبطه وبنوعية يصعب عليكم تطويرها وتحسينها!

ولا أعتقد أن مياه الامطار والوحل تملأ ملابس أولادكم وأحذيتهم، وهم ينتقلون من رصيف إلى رصيف ومن شارع إلى شارع وصولاً إلى مراكز الانطلاق ليطول انتظارهم هناك لساعات طويلة قبل حشرهم في سرافيس لا همّ لأصحابها إلا الربح وإذلال البشر وسط تقاعسكم عن تأمين وسائط نقل مريحة تحفظ كرامة الإنسان!؟

سيادة الوزير!

استيقظ، وقل لرفاقك أن يستيقظوا أيضاً! فإذا كنتم تمنّون علينا بدعم رغيف الخبز والوقود وغيرها من القطاعات الخدمية بدراهم بخسة، فنحن قد دعمنا وجودكم على كراسيكم، وأولادنا من حموا عائلاتكم ومكاتبكم ومواكبكم من حقد من لا يرحم البشر ولا الحجر.

نحن من دعمناكم بدم أبنائنا، فهاتوا أسماء أولادكم وأقاربكم ممن استشهدوا وممن خطفوا وممن قطعت أجسادهم!

عفواً يا معالي الوزير

أنت وأمثالك من لا يستحق الدعم، ولا تمنّوا علينا بالقليل من الفتات وموائدكم عليها ما يكفي الوطن بأكمله! لا تمنّوا علينا برغيف الخبز ونحن من روينا الأرض بدمائنا! لا تمنّوا علينا بأبسط حقوقنا، ونحن من جاع أجدادنا وآباؤنا، ونحن من ضاقت بنا الأرض التي رحبت بكم وبعائلاتكم وبمن حولكم.

أيها الوزير.. استيقظ وقل لرفاقك الذين يشبهونك أن يستيقظوا أيضاً!

العدد 1104 - 24/4/2024