تفاؤل نسبي

ولاء العنيد:

عام جديد انتظره السوريون كسائر العالم بلهفة وفرح، ثم استقبلوه بسعادة كبيرة آملين أن يحمل هذا العام انفراجاً للأزمات التي يعيشها، وأن يتوج بتحرير الجيش السوري لكل شبر من ترابه.

عاماً إثر عام ومنذ بداية الأزمة في سوريا لم يكن المواطنون يتمنون سوى عودة السلام لسورية، واستعادة حياتهم السعيدة بكل تفاصيلها، والتخلص من هموم لم تكن في السابق تسبب أي قلق.

تفاؤل مقيد بأزمات يومية تبدأ من تأمين الخبز كل يوم، والانتظار في الدور لساعات طويلة ليستمر بالبحث عن جرة غاز قد تكلفه أضعاف سعرها النظامي، تساعده على مواجهة البرد أحياناً وطبخ الطعام لأسرته حيناً آخر.

لم يعد المواطن يحلم بدفء مدافئ المازوت لهذا الشتاء، ولكنه متفائل بأن ينعم به في الشتاء القادم، كما يأمل أن يتحسن تقنين الكهرباء ليسهل عليه تدفئة أطفاله وأداء أعماله، لكي يستطيع تأمين مصروف كافٍ لتأمين مستلزماته المعيشية التي في ظل الظروف الحالية تشكل عبئاً ضخماً على جميع السوريين.

ولكن السوريين أثبتوا على طول السنوات الماضية أنهم رغم الظروف القاسية التي عاشوها قادرون على الصمود ومجابهة مشاكلهم اليومية في تأمين مستلزماتهم المعيشية الضرورية، ولكن هذا لا يعني أن على الحكومة كذلك المراهنة على صمودهم وصبرهم، فالأول ضعف، والثاني نفد بسبب ضغوط الحياة المعيشية اليومية. فالأجور المتدنية جعلت من تأمين المستلزمات الأساسية واقعاً يصعب التعايش معه.

إن غلاء المعيشة من خبز و ماء وكهرباء وغاز وسكن وغيرها الكثير من أساسيات الحياة التي يجب تأمينها تسبب ضغطاً مادياً ونفسياً على المواطن، قد تصيبه باليأس والخوف وبحالات كثيرة تهدد حياته بقسوتها.

ألا يجدر بالحكومة أن تخفف من حمل هذه الأعباء المتعبة؟ آلا يجدر بها كبح الفساد الداخلي، فلم يعد سبب هذه الأزمات معارك وتهجير وقذائف، بل أصبح فساد من قبل المتنفذين والمستفيدين من بين جرة الغاز ب ١٠ آلاف ورفع إيجار البيوت لمئات الألوف حتى الذين يودون العودة إلى بيوتهم المهجرة وضعهم الاقتصادي لا يمكنهم من ترميمه ليصبح صالحاً للسكن، وأملهم في العودة مازال معلقاً. أليس من واجب الحكومة التسهيل على المواطن الحصول على مستلزماته المعيشية كي لا يكون همه الأول وشغله الشاغل تأمين لقمة عيشه، والأجدر أن تكون أساسيات حياته مؤمّنة لينصب تفكيره بإعادة بناء بلاده وتطويرها ووضع التفاؤل مكان اليأس في حياته.

العدد 1104 - 24/4/2024