الفن غذاء الروح وصوت الباطن

وعد حسون نصر: 

لعلّ الفن يحمل في طيّاته مشاعر صاحبه لتصل للناس بكلمة أغنية، أو ريشة فنان على لوحة، أو سيناريو يجسّده فنانون على خشبة المسرح أو شاشة التلفاز. من هنا نجد أن للفن أهمية كبيرة على أرض الواقع، ولا يمكن أن نتجاهل دور الكلمة وما تصنعه في الأزمات، وخاصةً إذا حملت وجعنا. بالتالي يكمن دور الفنان في إيصال كلمته وفكرته بصورة تناسب جميع الشرائح بعيداً عن الابتذال. لا يكمن الفن فقط بالمسلسلات التلفزيونية أو الأفلام السينمائية علماً بأنها تلعب دوراً كبيراً في تجسيد المشكلة من أسبابها إلى إيجاد الحلول لها، ولا ننسى كم من أفلام ومسلسلات ساهمت بفتح بصيرة المشاهدين على أخطار تلاحقهم وتلاحق أبنائهم، لعلّ أخطرها المخدرات ووسائل انتشارها، والقتل ورفاق السوء والسرقة، فبيّنت أسبابها وسبل التخلّص منها، وكذلك الأغاني ومالها من تأثير على السامع، لأن كلماتها تترك أثراً وخاصةً إذا صدحت بوجعنا، فللشاشة والأغنية دور في رسم أحلامنا وطرح وجعنا، أيضاً لريشة الفنان الدور نفسه في حمل أنين الواقع، فكم من لوحة رسمته فأبكتنا وكانت المحرّض الكبير للوقوف بوجه الظلم والفقر! أيضاً الصورة عبر الكاميرات ودورها بتصوير واقع أشخاص غيّبتهم الظروف عنّا وأبعدت وجعهم عن المجتمع، فتفتح الكاميرا عدستها لهم وتصورهم للآخر، لعلّها تكون له المنقذ وبصيص الأمل، فلا يمكن أن نعزل الفن عن واقعنا باعتباره صورة مُصغّرة من مجتمعات مختلفة تنقل عبر وسائل فنية للآخرين، ولا يمكن بقاء الفنان خارج أزمات وأوجاع مجتمعه، فهو ابن هذا المجتمع، ولسان حاله في العالم أجمع، فلا يمكن التزام الحياد وخاصةً، وإن لكل منّا موقفاً خاصاً ووجهة نظر حيال أي مشكلة أو طرف من أطرافها، وبالتالي إن لم يستطع الفنان التزام الحياد عليه أن يلتزم عدم التحريض، خاصةً التحريض الذي يؤدي للقتل والخراب أيضاً.

لا نريد للفن أن يصمت لأنه صوت المظلوم بوجه الظلم، وكم من أغنية فجّرت ثورة على القهر! وكم من رواية حملت الوجع وثارت عليه! وكم من ريشة لونت الأسود أخضر وجعلت من الدم شقائق نعمان! ما نريده أن يكون الفن تصويراً لحياتنا وواقعنا بحلاوته ومرّه، والفنان لساننا الناطق بالحق بعيداً عن التحريض، فالكلمة في مكانها سيف ذو حدين وأقوى من الطلقة.

العدد 1105 - 01/5/2024