كي لا ننسى.. محمود وهيب عبد الملك وعودة إلى فجر الحركة الشيوعية

يونس صالح:

نعود مرة أخرى إلى إحياء ذكرى شيوعي قديم آخر، عاصر ميلاد الحركة الشيوعية في سورية وفلسطين، وكان مساهماً نشطاً في نضالها المضني الذي خاضته وفي ظروف صعبة وشاقة، فقد ترك الاستعمار التركي الطويل على البلاد وبعده الفرنسي بصماته على الشعب السوري من فقر وعوز وجهل وتخلف، وكان على الشيوعيين الأوائل أن يزرعوا أفكارهم عن العدالة وعن المستقبل الخالي من الظلم والاستعباد في الأرض في ذلك الجو المشبع بالأوهام والتسليم، ومن بينهم كان هناك شيوعي عرف باسم حسن، لعب دوراً هاماً في حياة الحزب الشيوعي الغنية في أعوام العشرينيات من القرن الماضي. لا نعرف متى وُلد، ومن أي مدينة هو، إلا أن التقديرات تقول بأنه ولد في أوائل القرن الماضي، وأصبح شيوعياً في منتصف عشرينيات ذلك القرن في فلسطين.

وتشير المعطيات أن البوليس السري في يافا قد اعتقل رجلاً من سورية باسم حسن، وصادر معه أوراقاً ووثائق شيوعية خطيرة، وقد تبين أن اسمه الحقيقي محمود وهيب عبد الملك، وأن الأممية الثالثة عينته سكرتيراً عربياً لحزب الشيوعي الفلسطيني. يورد مادوبان في مذكراته أن وهيب ملك ذهب في عام 1928 إلى موسكو للدراسة في جامعة شعوب الشرق، ويعد مادويان أن وهيب ملك هو نفسه محمود وهيب عبد الملك الملقب بحسن..

وقد عاد من موسكو في أوائل حزيران عام 1930 وشارك في نشاطات القيادة في عامي 1930 و1931. لا نعلم أكثر من ذلك عن مصير هذا الشيوعي السوري، إلا أن الشيء القليل الذي تم التعرف إليه يؤكد أنه لعب دوراً هاماً في نضال الحزبين الشيوعيين في سورية وفلسطين في تلك المرحلة، أما مصيره اللاحق فلا ندري عنه أي شيء، وعلى الذين سيبحثون لاحقاً في تاريخ الحركة الشيوعية في بلاد الشام أن تضيء الكثير عن أولئك الذين وضعوا اللبنات الأولى في بنائها، وضاعت أسمائهم، واختفت. ومن العدالة والإنصاف أن تجري الإضاءة على دورهم ومآثرهم التاريخية، لأجل الأجيال المقبلة، الذين يجب أن ينهلوا من هذا التراث النضالي، لأجدادهم الذين كرسوا حياتهم لأجل الوطن والشعب ومثل العدالة، وذلك لأجل المستقبل، ولأجل عدم نسيان من أعطى كل ما يملك لأجل هذا الهدف النبيل.

العدد 1104 - 24/4/2024