كي لا ننسى.. طه الصواف.. الشيوعي المنسي الذي يجب أن لا يُنسى

طه الصواف، شيوعي قديم من مدينة دمشق، حي القيمرية، ولد في أوائل العشرينيات من القرن الماضي، إنه أحد البناة الأوائل للحزب، حين كان الحديث عن الشيوعية في ذلك العهد يعتبر مخاطرة، فالدعاية التي بثّتها الأجهزة المعادية للشيوعية على النطاق العالمي، قد استطاعت تشويهها أمام أنظار ملايين الكادحين في الشرق، وفي بلادنا سورية أيضاً.

لا نعرف تماماً كيف تأثّر هذا الإنسان الرقيق بالأفكار الشيوعية، إلا أننا نستطيع أن نؤكد أن رهافة حسه وشعوره العميق بالظلم الاجتماعي الذي يعيشه أبناء بلاده، وطموحه الجامح نحو العدالة الاجتماعية، كل ذلك دفعه للتفكير بطرق الخلاص من هذا الواقع المر الذي يعيشه الشعب الكادح، وربما كان تعرّفه على الأفكار الشيوعية، قد بدأ بفعل عامل المصادفة، أو من خلال بعض شذرات الصحف التي كانت تصل إلى دمشق من بيروت، وتتحدث عن وجود حزب يرفع شعارات العدالة ويناضل ضد المستثمرين، أو من خلال اتصاله بمنظمة الحزب الشيوعي الصغيرة التي كانت ناشطة آنذاك في دمشق في ظروف بالغة الصعوبة. ما نعرفه أنه انتسب إلى صفوف الحزب أواخر العشرينيات من القرن الماضي، وربط مصيره بالحزب، وساهم في جميع نضالاته في تلك الفترة الغائبة من تاريخ الحزب، والدليل على ما نقوله أنه ألقى كلمة الحزب الشيوعي في إحدى احتفالياته التي قام بها بمناسبة ذكرى معركة ميسلون، كما أنه ساهم في توزيع المناشير والنداءات التي كان يوزعها الحزب، والتي كانت توزع بصورة سرية، وكانت هذه العمليات تحمل في طياتها خطورة الاعتقالات والسجن، كما أنه ساهم بنشاط في توزيع الجريدة التي كان يصدرها الحزب آنذاك باسم (الفجر الدامي).

في أواخر عام 1934 يرسله الحزب إلى موسكو للدراسة في الجامعة الشيوعية لشعوب الشرق، وربما بتكليف من الحزب بقي هناك في فترة الحرب العالمية الثانية، وعاد إلى دمشق عام ،1945 ووضع نفسه بتصرف الحزب. لا نعلم أيضاً أي شيء عن نضالاته، بيد أنه لم يستقر في دمشق، فقد عاد بعد ذلك إلى موسكو، وبقي فيها إلى أن وافته المنية. لا شك أن الكثير من صفحات الحزب النضالية لا تزال مجهولة، ولم تسلط الأضواء عليها، ومازال هناك الكثير من المناضلين الذين قدموا للحزب الخدمات الكبيرة، وكرسوا حياتهم للنضال من أجل مصالح الشعب وبقوا مخلصين حتى النهاية، لذلك الهدف الإنساني وهو إلغاء استغلال الإنسان للإنسان الآخر.. ولا شك أن هذا المناضل الذي نجهل الكثير من صفحات نضاله، ينتمي إلى هؤلاء المناضلين المجهولين، الذين بتضحياتهم وإخلاصهم وبطولاتهم، تكرست تلك التقاليد الكفاحية في تاريخ الحزب، ويجب أن تبقى حية ويجب عدم نسيانها.

العدد 1104 - 24/4/2024